ذكر استيلاء طاهر على بغداد
وفيها الحصار كما هو على بغداد ، ففارق محمدا خزيمة بن خازم من كبار قوّاده.
وقفز إلى طاهر بن الحسين هو ومحمد بن عليّ بن عيسى بن ماهان ، فوثبا على جسر دجلة في ثامن المحرّم فقطعاه ، وركّزا أعلامهما ، وخلعا الأمين ، ودعيا للمأمون. فأصبح طاهر بن الحسين وألحّ في القتال على أصحاب محمد الأمين ، وقاتل بنفسه. فانهزم أصحاب محمد ، ودخل طاهر قسرا بالسيف ، ونادى مناديه : من لزم بيته فهو آمن (١).
ثم أحاط بمدينة المنصور ، وبقصر زبيدة ، وقصر الخلد ، فثبت على قتال طاهر حاتم بن الصّقر والهرش والأفارقة. فنصب المجانيق خلف السّور وعلى القصرين ورماهم. فخرج محمد بأمّه وأهله من القصر إلى مدينة المنصور ، وتفرّق عامة جنده وغلمانه ، وقلّ عليهم القوت والماء ، وفنيت خزائنه على كثرتها (٢).
ذكر غناء الجارية ضعف
وذكر عن محمد بن راشد : أخبرني إبراهيم بن المهديّ أنّه كان مع محمد بمدينة المنصور في قصر باب الذهب ، فخرج ليلة من القصر من الضّيق والضّنك ، فصار إلى قصر القرار فطلبني ، فأتيت ، فقال : ما ترى طيب هذه الليلة ، وحسن القمر ، وضوءه في الماء ، هل لك في الشراب؟ قلت : شأنك.
فدعا برطل من نبيذ فشربه ، ثم سقيت مثله ، وابتدأت أغنّيه من غير أن يسألني ، لعلمي بسوء خلقه ، فغنّيت. فقال : ما تقول فيمن يضرب عليك؟ فقلت : ما أحوجني إلى ذلك.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٨ / ٤٧٢ ـ ٤٧٤ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٣٥ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، نهاية الأرب ٢٢ / ١٨١ ، ١٨٢.
(٢) تاريخ الطبري ٨ / ٤٧٤ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٣٥ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٢٧٩ ، ٢٨٠ ، نهاية الأرب ٢٢ / ١٨٢.