قالوا : لا! قال : فما بالكم خذلتموه وأعنتم عدوّه على اضطهاده وأسره؟ والله ما قتل قوم خليفتهم إلّا سلّط الله عليهم السيف. انهضوا إلى خليفتكم فادفعوا عنه ، وقاتلوا من أراد خلعه. فنهضت الحربيّة ، ونهض معهم عامّة أهل الأرباض ، فقاتلوا الحسين وأصحابه قتالا شديدا ، وأكثروا في أصحابه الجراح ، وأسر الحسين. فدخل أسد الحربيّ (١) على الأمين ، فكسر قيوده وأقعده في مجلس الخلافة. فنظر محمد إلى قوم ليس عليهم لباس الجند ، ولا عليهم سلاح ، فأمرهم فأخذوا من الخزائن حاجتهم من السلاح ، ووعدهم ومناهم.
الصفح عن الحسين بن عليّ
وأحضروا الحسين ، فلامه على خلافه وقال : ألم أقدّم أباك على النّاس ، وأشرّف أقداركم؟ قال : بلى! قال : فما الّذي استحققت به منك أن تخلع طاعتي ، وتؤلّب النّاس على قتالي؟
قال : الثقة بعفو أمير المؤمنين وحسن الظّنّ بصفحة. قال : فإنّي قد فعلت ذلك ، وولّيتك الطلب بثأر أبيك. ثم خلع عليه وأمره بالمسير إلى حلوان ، فخرج (٢).
هرب الحسين بن عليّ وقتله
فلما خفّ النّاس قطع الجسر ، وهرب في نفر من حشمه ومواليه. فنادى الأمين في الناس فركبوا وأدركوه. فلما بصر بالخيل نزل فصلّى ركعتين ثم تهيّأ ، فلقيهم وحمل عليهم حملات في محلّها يهزمهم ، ثم عثر به فرسه
__________________
(١) هكذا في الأصل ، وتاريخ الطبري ٨ / ٤٣٠. وفي العيون والحدائق ٣ / ٣٢٩ ، «الحرميّ» (بالميم).
(٢) تاريخ الطبري ٨ / ٤٣٠ ، ٤٣١ ، الكامل ٦ / ٢٦٠ ، ٢٦١ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٢٩ ، الفخري ٢١٥ ، نهاية الأرب ٢٢ / ١٧٨ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، النجوم الزاهرة ٢ / ١٥١.