بصورة مفصلة أنّ الثواب والعقاب في ذلك العالم يشبه إلى حدّ بعيد الآثار والخواص الطبيعية ؛ يعني كما لايخطىء الدواء الشافي أو السم القاتل في تأثيره ولا تجدي الرشوة والتوصية عليه شيئاً ولا تغيّر من تأثيره ، فإنّ أفعال الإنسان وأعماله بنفس هذه الكيفية في العالم الآخر بعد الموت ، هذا من جانب.
ومن جانب آخر فليس هنالك من معنى للتشجيع في المحاكم العادية لهذا العالم ـ التي تنطوي على آلاف العيوب ـ مثلاً إذا لم ينتهك فرد حرمة القانون لخمسين عاماً ولم يرتكب ولو مخالفة صغيرة ، فليس هنالك من ثواب لالتزامه بالقانون ، يعني ليس هناك من ثواب ليعطيه.
وعليه فالضمانة الإجرائية لهذه القوانين أحادية الجانب : أي أنّه يتّجه دائماً صوب من ينتهك حرمة القانون ، لاصوب ذلك الذي يحترم القانون ويلتزم به ، والحال ضمانة التطبيق في الدين ثنائية ، فهناك كفة الثواب التي تعدل بثقلها كفة العقاب.
فمما لاشك فيه أنّ من يؤمن بذلك العالم يكون غاية الجدية في إصلاح نفسه والإتيان بمختلف الأعمال الثقيلة والمعقدة ، وكذلك وعلى غرار الفرد العالم بخصائص الأدوية المشفية والقاتلة فهو شديد الرغبة في الأول عظيم الخشية من الثاني ، فإذا ما أراد أن يقدم على عمل مهما كان حسب آثار ذلك العمل وتمثلها أمام عينيه.
وهكذا يكون في حالة مراقبة تامة ودقيقة دائمية على نفسه ، بحيث يسيطر عليها ويحول دونها ودون مقارفة الجرائم والجنايات والمفاسد.
* * *
إنّ الإيمان بهذه الحقيقة يبلغ بالإنسان درجة يجعله يقول : (وَاللهِ لَأَنْ