وقد كانت منهم زلّات وخطيئات ، ...
____________________________________
بالكبائر ، وهذا أمر مرجعه إلى ما يقوم بالقلب هو قدر زائد على مجرد الفعل ، والإنسان يعرف ذلك من نفسه وغيره ، وأيضا فإنه قد [يعفى] (١) لصاحب الإحسان العظيم ما لا يعفى لغيره (٢) من الذنب الجسيم ، ثم هذه العصمة ثابتة للأنبياء قبل النبوّة وبعدها على الأصح وهم مؤيّدون بالمعجزات الباهرات والآيات الظاهرات ، وقد ورد في مسند أحمد رحمهالله أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن عدد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فقال : مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا ، والرّسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر أولهم آدم عليه الصلاة والسلام وآخرهم محمد صلىاللهعليهوسلم (٣) ، وهو لا ينافي قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) (٤). فإن ثبوت الإجمال لا ينافي تفصيل الأحوال نعم الأولى أن لا يقتصر على الأعداد فإن الآحاد لا تفيد الاعتماد في الاعتقاد ، بل يجب كما قال الله تعالى : (كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) (٥). أن يؤمن إيمانا إجماليّا من غير تعرّض لتعدّد الصفات وعدد الملائكة والكتب والأنبياء وأرباب الرسالة من الأصفياء (وقد كانت منهم) أي من بعض الأنبياء قبل ظهور مراتب النبوّة أو بعد ثبوت مناقب الرسالة (زلّات) أي تقصيرات (وخطيئات) أي عثرات بالنسبة إلى ما لهم من عليّ المقامات وسنيّ الحالات كما وقع لآدم عليه الصلاة والسلام في أكله من الشجرة على وجه النسيان ، أو ترك العزيمة واختيار الرخصة ظنّا منه أن المراد بالشجرة المنهيّة المشار إليها بقوله تعالى : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) (٦). هي الشخصية لا الجنسية فأكل من الجنس لا من الشخص بناء على الحكمة الإلهيّة ليظهر ضعف قدر البشرية وقوة اقتضاء مغفرة الربوبية ، ولذا ورد حديث : «لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم» (٧) ، وبسط هذا يطول فنعطف عن هذا القول ، وهذا ما
__________________
(١) تصحّفت في الأصل إلى (يعفي) بالياء والصواب يعفى بالألف المقصورة كما في شرح الطحاوية.
(٢) انظر شرح الطحاوية ٢ / ٤٥١.
(٣) تقدّم تخريجه ص ٨٨ رقم (١).
(٤) غافر : ٧٨.
(٥) البقرة : ٢٨٥.
(٦) البقرة : ٣٥.
(٧) أخرجه مسلم ٢٧٤٩ ، وأحمد ٢ / ٣٠٥ و ٣٠٩ ، والترمذي ٢٥٢٦ ، والبغوي ١٢٩٤ ، و ١٢٩٥ من حديث أبي هريرة ، وفي الباب عن أبي أيوب عند أحمد ٥ / ١١٤ بلفظ : «لو لا أنكم تذنبون لخلق ـ