____________________________________
الوحدة عن الكثرة» (١). لا سيما وهو في منصب الرسالة وفي مقام تبليغ الدعوة والدلالة ، فكلّ ما يمنعه عن المقام الأكمل فنسبة الاستغفار إليه أمثل ، وقد يقال : الغين كناية عن الغير من ملاحظة الخلائق ومرابطة العلائق ومضايقة العوائق ، كما أن الغين كناية عن مراقبة الذات ومشاهدة الصفات وهو عين العلم والإيمان ، وزيّن العمل والإحسان كما يشير إليه حديث «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه» (٢) ، أي أن تكون في مقام العبودية لله بحيث لا يخطر ببالك ما سواه ، والخواطر لا تنفك عن السرائر ، فكلما خطر بباله سوى الله قال : استغفر الله كما أشار شيخ مشايخنا أو الحسن البكري (٣) في حزبه إلى هذا المقام السري ، والحال السري ، وأومى إليه العارف ابن الفارض (٤) أيضا بقوله :
ولو خطرت لي في سواك إرادة |
|
على خاطري سهوا حكمت بردّتي |
ومن هذه العبارات يفهم مضمون كلام من قال من أهل الإشارات حسنات الأبرار سيئات المقرّبين الأحرار.
ورابعها : وهو تأويل أهل الظاهر أن القلب لا ينفك عن الخطرات وخواطر الشهوات وأنواع الميل والإرادات ، وكان يستعين بالرب في دفع تلك الخواطر قلت :
وخامسها : تبعا لأرباب الظاهر أنه عليه الصلاة والسلام كان استغفاره من رؤية العبادات ، أو من تقصيره في الطاعات ، أو عجزه عن شكر النّعم في الحالات ، ولذا كان
__________________
(١) الحديث إلى قوله : إنه ليغان على قلبي تقدّم تخريجه وما تبقى من تتمة فهو ليس من كلام النبي صلىاللهعليهوسلم وإنما هو من شطحات وضلالات الصوفية القائلين بوحدة الوجود والحلول والاتحاد.
(٢) هو بعض حديث طويل مشهور أخرجه مسلم ٨ ، وأبو داود ٤٦٩٥ ، والترمذي ٢٦١٣ ، والنسائي ٨ / ٩٧ ، وابن ماجة ٦٣ من حديث عمر بن الخطاب.
(٣) هو محمد بن أبي محمد بن عبد الرحمن بن أحمد البكري الصديقي الشافعي المصري المتوفى سنة ٩٥٢ وأشهر تأليفه الأحاديث المحذّرات من شرب المسكرات ، وحزب الأنوار وغيرها انظر كشف الظنون ٦ / ٢٣٩.
(٤) هو عمر بن الحسن بن علي بن المرشد بن علي شرف الدين أبو حفص الحموي الأصل المصري الدار المعروف بابن الفارض الصوفي. توفي بمصر سنة ٦٣٦ ه. وله الألغاز ديوان شعر مشهور ونظم السلوك القصيدة التائية وهذا البيت المتقدّم منها وقد حكم العلماء في عصره وبعده بكفره انظر تحذير العباد من أهل العناد ببدعة الاتحاد المطبوعة مع تنبيه العتبي إلى تكفير ابن عربي لبرهان الدين البقاعي. ولا يجوز إطلاق اسم العارف عليه ولا على غيره لأن المعرفة لا يسبقها جهل وهي صفة الله سبحانه وتعالى.