وعبده ورسوله ...
____________________________________
حبيبه (وعبده) أي المختص به لأنه المفرد الأكمل عند إطلاقه (ورسوله) وناسخ أديان من قبله فقد قال عليه الصلاة والسلام : «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ، وقولوا عبد الله ورسوله» (١). وقدّم العبودية لتقدّمها وجودا على الرسالة وللدلالة على عدم استنكافه عن ذلك المقام ، بل للإشارة إلى أنه عليه الصلاة والسلام مفتخر بذلك المرام ولله درّ القائل بنظم هذا النظام :
لا تدعني إلا بيا عبدها |
|
فإنه أشرف أسمائي |
ثم في تقديم النبوّة على الرسالة إشعار بما هو مطابق في الوجود من عالم الشهود ، وإيماء إلى ما هو الأشهر في الفرق بينهما من المنقول بأن النبي أعمّ من الرسول إذ الرسول من أمر بالتبليغ والنبي من أوحي إليه أعمّ من أن يؤمر بالتبليغ أم لا ، قال القاضي (٢) عياض : والصحيح الذي عليه الجمهور أن كل رسول نبي من غير عكس ، وهو أقرب من نقل غيره الإجماع عليه لنقل غير واحد الخلاف فيه فقيل : النبي مختص بمن لا يؤمر ، وقيل : هنا مترادفان واختاره ابن الهمام والأظهر أنهما متغايران لقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) (٣) الآية. ولبعض الأحاديث الواردة في عدد الأنبياء والرّسل عليهالسلام ، وأما هو صلىاللهعليهوسلم فخوطب بيا أيها النبي ويا أيها الرسول لكونه موصوفا بجميع أوصاف المرسلين ، وفي قوله تعالى : (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) (٤). إيماء إلى ما ورد في بعض أحاديث الإسراء «جعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا» (٥) كما رواه البزار من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
__________________
(١) أخرجه ابن أبي شيبة ١٤ / ٥٦٣ ـ ٥٦٧ ، والبخاري ٦٨٣٠ ، وابن حبان ٤١٣ مطوّلا.
وابن أبي شيبة ١٤ / ٥٦٣ ، وابن حبّان ٢٦٣٩ مختصرا من حديث عمر بن الخطاب.
(٢) هو القاضي عياض بن موسى بن عمر بن موسى ، أبو الفضل اليحصبي البستي المراكشي المحدّث المالكي المتوفى سنة ٥٤٤٠ ه بمراكش أهم مصنفاته الشفا في تعريف حقوق المصطفى صلىاللهعليهوسلم وغيرها.
(٣) الحج : ٥٢.
(٤) الأحزاب : ٤٠.
(٥) أخرجه البزار رقم ٥٥ ، والطبري في تهذيب الآثار مسند عبد الله بن عباس رقم ٧٢٧ ، والبيهقي في الدلائل ٢ / ٣٩٧ ـ ٤٠٤ والطبري في جامع البيان ١٥ / ٦ ـ ١٥.
من حديث أبي هريرة مطوّلا وفيه عيسى بن أبي عيسى أبو جعفر الرازي مختلف فيه ، وثّقه بعضهم وضعّفه آخرون كما في تفسير ابن كثير ٣ / ٢٩ وقد تفرّد في هذا الحديث بألفاظ وهو غير حجة.