عابدين ثابتين على الحق ومع الحق نتولاهم جميعا ...
____________________________________
الأيام حتى أنه تأخر مرة وتقدّم عمر رضي الله عنه فقال عليه الصلاة والسلام : «أبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» (١) وقضية معارضة عائشة رضي الله عنها في حق أبيها معروفة (٢) وهذه الإمامة كانت إشارة إلى نصب الخلافة ، ولذا قالت الصحابة رضي الله عنهم : رضية صلىاللهعليهوسلم لديننا أو ما نرضى به في أمر دنيانا ، وثبت عن علي رضي الله عنه أن من فضله على أبي بكر وعمر جلده جلد المفتري (عابدين ثابتين على الحق) وزيد في نسخة (ومع الحق) أي باقين عليه ومعه دائمين (كما كانوا) في الماضي من غير تغيّر حالهم ونقصان في كمالهم وفيه ردّ على الروافض حيث يقولون في حق الثلاثة : إنهم تغيّروا عمّا كانوا عليه في زمنه صلىاللهعليهوسلم حيث نزل في حقهم الآيات الدالّة على فضائلهم ، وورد في شأنهم الأحاديث المشعرة عن حسن شمائلهم وعلى الخوارج حيث يقولون : بكفر علي ومن تابعه ، وكفر معاوية ومن شايعه حيث ارتكبوا قتل المؤمن وهو عندهم كبيرة مخرجة عن حدّ الإيمان (نتولّاهم) أي نحبهم (جميعا) أي ولا نسبّ منهم أحدا لقوله عليه الصلاة والسلام : لا تسبوا أصحابي (٣) ، ولورود قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) (٤). إلى أن قال تعالى : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (٥). وبالإجماع إن هؤلاء الأربعة من سابقي المهاجرة فيدخلون في رضي الله سبحانه دخولا أوّليّا ، وهذه الآية قطعية الدلالة على تعيّن إيمانهم وتحسين مقامهم وعلوّ شأنهم فلا يعارضه إلّا دليل قطعي نقلا أو عقلا ، ولا يوجد قطعا عند من يحطّ عليهم ويسيء الأدب إليهم ولا يحفظ حرمة الصحبة الثابتة لديهم فقد أجمعوا على أن من أنكر صحبة أبي بكر الصديق كفر بخلاف إنكار صحبة غيره لورود النص في حقه حيث قال الله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَ
__________________
(١) تقدم تخريجه فيما سبق.
(٢) يشير إلى حديث مروا أبا بكر فليصلّ الناس وقد سبق تخريجه مستوفيا.
(٣) أخرجه البخاري ٣٦٧٣ ، ومسلم ٢٥٤١ ، وأبو داود ٤٦٥٨ ، والترمذي ٣٨٦٠ ، وأحمد في المسند ٣ / ١١ ، وفي فضائل الصحابة ٥ و ٦ و ٧ و ٦٥٤ و ١٧٣٥ ، والطيالسي ٢١٨٣ ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان ٢ / ١٢٢ ، والبغوي ٣٨٥٦ ، والخطيب في تاريخه ٧ / ١٤٤ ، وابن أبي عاصم ٩٨٨ كلهم من حديث أبي سعيد الخدري وتمامه : «لا تسبّوا أحدا من أصحابي ، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ، ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه».
(٤) التوبة : ١٠٠.
(٥) التوبة : ١٠١ ، ١٠٢.