____________________________________
دليل هنالك (١) لما حكموا بذلك. وكأن السلف كانوا متوقفين في تفضيل عثمان على عليّ رضي الله عنه حيث جعلوا من علامات السّنّة والجماعة تفضيل الشيخين ومحبة الحسنين والإنصاف أنه إن أريد بالأفضلية كثرة الثواب فللتوقف جهة ، وإن أريد كثرة ما يعدّه ذوو العقول من الفضائل فلا (٢). انتهى. ومراده بالأفضلية أفضلية عثمان على عليّ رضي الله عنه بقرينة ما قبله من ذكر التوقّف فيما بينهما إلا الأفضلية بين الأربعة كما فهم أكثر المحشين (٣) حيث قال بعضهم بعد قوله : فلا لأن فضائل كل واحد منهم كانت معلومة لأهل زمانه ، وقد نقل إلينا سيرهم وكمالاتهم فلم يكن التوقّف بعد ذلك وجه سوى المكابرة وتكذيب العقل فيما يحكم ببداهته قال : والمنقول عن بعض المتأخرين أنه لا جزم بالأفضلية بهذا المعنى أيضا إذ ما من فضيلة تروى لأحدهم إلّا ولغيره مشاركة فيها وبتقدير اختصاصها به حقيقة فقد يوجد لغيره أيضا اختصاصه بغيرها على أنه يمكن أن يكون فضيلة واحدة أرجح من فضائل كثيرة ، إما لشرفها في نفسها ، أو لزيادة كميتها ، وقال : محش آخر أي فلا جهة للتوقف ، بل يجب أن يجزم بأفضلية عليّ رضي الله عنه إذ قد تواتر في حقه ما يدل على عموم مناقبه ووفور فضائله واتّصافه بالكمالات واختصاصه بالكرامات هذا هو المفهوم من سوق كلامه ، ولذا قيل : فيه رائحة من الرفض لكنه فرية بلا مرية ، إذ كثرت فضائل عليّ رضي الله عنه وكمالاته العليّة.
وتواتر النقل فيه معنى بحيث لا يمكن لأحد إنكاره ، ولو كان هذا رفضا وتركا للسّنّة لم يوجد من أهل الرواية والدراية سنّيّ أصلا فإياك والتعصّب في الدين والتجنّب عن الحق اليقين. انتهى. ولا يخفى أن تقديم عليّ رضي الله عنه على الشيخين مخالف لمذهب أهل السّنّة والجماعة على ما عليه جميع السّلف ، وإنما ذهب بعض الخلف إلى تفضيل عليّ رضي الله عنه على عثمان رضي الله عنه ، ومنهم أبو الطفيل من الصحابة رضي الله عنهم هذا والذي أعتقده ، وفي دين الله اعتمده أن تفضيل أبي بكر رضي الله عنه قطعي حيث أمره صلىاللهعليهوسلم بالإمامة على طريق النيابة مع أن المعلوم من الدين أن الأولى بالإمامة أفضل ، وقد كان عليّ كرّم الله وجهه حاضرا في المدينة ، وكذا غيره من أكابر الصحابة رضي الله عنهم وعيّنه عليه الصلاة والسلام لما علم أنه أفضل الأنام في تلك
__________________
(١) في شرح العقائد : على ذلك.
(٢) شرح العقائد النسفية ٢٢٨ ـ ٢٢٩ بشيء من التصرّف.
(٣) هم الحشوية وسبق الكلام عنهم.