والمسح على الخفّين سنّة ، والتراويح في ليالي شهر رمضان سنّة ....
____________________________________
فصل
(والمسح على الخفّين) أي للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها (سنّة) أي ثابت بالسّنّة التي كادت أن تكون متواترة ولا يبعد أن يؤخذ ثبوته من الكتاب أيضا لأن قوله تعالى : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (١) قرئ بالنصب في السبعة الأظهر في الغسل والجر الأظهر في المسح وهما متعارضان وبحسب الحكم مبهمان فبينهما فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم حيث مسحهما حال لبس الخفّين وغسلهما عند كشف الرجلين (والتراويح) أي صلاتها (في شهر رمضان) أي في لياليها (سنّة) أي بأصلها لما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه صلّاها في ليال ، ثم تركها شفقة على الأمة لئلا تجب وعلى العامة أن يحسبوها أنها واجبة ، وأما قول عمر رضي الله عنه في حقها نعمت البدعة (٢) إنما هو باعتبار إحيائها ، أو سبب الإجماع عليها بعد ما كان الناس ينفردون بها مع أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين» (٣). ثم خصّ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما بقوله : اقتدوا بالذين من بعدي (٤) ، وفيه وفيما قبله ردّ على الروافض ، وكذا في قوله
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) أخرجه البخاري ٢٠١٠ ومالك في الموطأ ١ / ١١٤ كلاهما من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري موقوفا.
فائدة : قال ابن الأثير في جامع الأصول : ٦ / ١٢٢ : وأما قول عمر رضي الله عنه : «نعمت البدعة هذه» فإنه يريد بها صلاة التراويح ، فإنه في حيّز المدح ، لأنه فعل من أفعال الخير ، وحرص على الجماعة المندوب إليها ، وإن كانت لم تكن في عهد أبي بكر رضي الله عنه ، فقد صلّاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإنما قطعها إشفاقا من أن تفرض على أمته ، وكان عمر ممّن نبّه عليها وسنّها على الدوام ، فله أجرها وأجّر من عمل بها إلى يوم القيامة ، وقد قال في آخر الحديث : «والتي تنامون عنها أفضل» تنبيها منه على أن صلاة آخر الليل أفضل ، قال : وقد أخذ بذلك أهل مكة ، فإنهم يصلّون التراويح بعد أن يناموا. ا. ه.
(٣) هو بعض حديث أخرجه أبو داود ٤٦٠٧ ، والترمذي ٢٦٧٦ وقال حسن صحيح ، وابن ماجة ٤٣ و ٤٤ ، وأحمد ٤ / ١٢٦ ـ ١٢٧ ، والدارمي ١ / ٤٤ ، والبيهقي ٦ / ٥٤١ ، والطحاوي في المشكل ٢ / ٦٩ ، وابن حبان ٥ / ، وصحّحه الحاكم ١ / ٩٥ ، ووافقه الذهبي والآجري ص ٤٦ و ٤٧ ، والبغوي ١٠٢ ، وابن أبي عاصم ٣٢ و ٥٧ و ٢٧ كلهم من حديث العرباض بن سارية.
(٤) أخرجه الترمذي ٣٦٦٢ و ٣٦٦٣ ، وابن ماجة ٩٧ ، وأحمد ٥ / ٣٨٢ و ٣٨٥ و ٣٩٩ و ٤٠٢ ، وابن أبي شيبة ١٢ / ١١ ، والحميدي ٤٤٩. وابن أبي عاصم ١١٤٨ و ١١٤٩ ، والطحاوي في مشكل الآثار ٢ / ٨٣ و ٨٤ و ٨٥ ، وأبو نعيم في الحلية ٢ / ١٨٥ وسنده حسن ، وصحّحه الحاكم ٣ / ٧٥ ووافقه الذهبي ، وصحّحه ابن حبان من : ٢١٩٣ من طريق آخر. كلهم من حديث حذيفة بن اليمان ـ