____________________________________
ومن هنا قال محمد رحمهالله على ما تقدّم : أكره أن يقول إيماني كإيمان جبرائيل عليهالسلام ، بل يقول : آمنت بما آمن به جبرائيل عليهالسلام. انتهى. وكذا لا يجوز أن يقول أحد : إيماني كإيمان الأنبياء عليهمالسلام ، بل ولا ينبغي أن يقول : إيماني كإيمان أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وأمثالهما ، فإن تفاوت نور كلمة التوحيد في قلوب أهلها لا يحصيه إلا الله سبحانه ، فمن الناس من نورها في قلبه كالشمس ، ومنهم كالقمر ومنهم كالوكب الدرّيّ ومنهم كالمشعل العظيم ، وآخر كالسراج الضعيف لقوله عليه الصلاة والسلام : «وذلك أضعف الإيمان» (١). وقوله عليه الصلاة والسلام : «المؤمن القوي أحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف (٢). والقوة تشمل القوة الظاهرية العملية والقوة الباطنية العلمية ، وهو على منوال هذه الأنوار في الدنيا تظهر أنوار علومهم وأعمالهم وأحوالهم في العقبى ، وكلما اشتد نور هذه الكلمة وعظمت مرتبتها أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوّتها بحيث ربما وصل إلى حلّ لا يصادف شبهة ولا شهوة ولا ذنبا ولا سيئة إلا أحرقها ، بل تقول النار : جز يا مؤمن ، فإن نورك أطفأ لهبي (٣) ، ومن عرف هذا عرف معنى قوله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله تعالى حرّم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله» (٤) ، وقوله عليهالسلام : «لا يدخل النار من قال لا إله إلا الله» (٥). وأمثال ذلك مما
__________________
(١) هو بعض حديث أخرجه مسلم ٤٩ ، وأبو داود ١١٤٠ ، و ٤٣٤٠ ، والترمذي ٢١٧٢ ، وابن ماجة ١٢٧٥ و ٤٠١٣ ، وأحمد ٣ / ١٠ و ٢٠ و ٤٩ و ٥٣ ، والنسائي ٨ / ١١١ ـ ١١٢ ، والطيالسي ٢١٩٦ ، وأبو يعلى ١٠٠٩ من حديث أبي سعيد الخدري وتمامه : «من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده ، فإن لم يستطع ، فبلسانه ، فإن لم يستطع ، فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان».
(٢) أخرجه مسلم ٢٦٦٤ ، وابن ماجة ٧٩ و ٤١٦٨ ، وأحمد ٢ / ٣٦٦ و ٣٧٠ ، والنسائي في اليوم والليلة ٦٢١ و ٦٢٢ و ٦٢٣ و ٦٢٤ و ٦٢٥ ، وابن السني ٣٥٠ ، والحميدي ١١٤ ، والطحاوي في «مشكل الآثار» ١ / ١٠١ ، وابن أبي عاصم في السّنّة ٣٥٦ كلهم من حديث أبي هريرة.
(٣) أخرجه أبو نعيم في الحلية ٩ / ٣٢٩ ، والقرطبي في «تذكرته» ص ٢٣٤ ، والطبراني في الكبير ٢٢ / رقم ٦٦٨ من طريقين عن بشير بن طلحة ، عن خالد بن دريك ، عن يعلى ابن منية ... وبشير بن طلحة ضعيف ، وخالد بن دريك لم يسمع من يعلى ابن منية فهو منقطع ، وأورده الهيثمي في المجمع ١٠ / ٣٦٠ عن الطبراني وضعّفه بسليم بن منصور بن عمار مع أن من فوقه ـ وهو بشير بن طلحة ـ ضعيف أيضا ، ولم يتنبّه للانقطاع. وقد تصحّف فيه اسم يعلى ابن منية إلى يعلى ابن منية.
(٤) هو قطعة من حديث مطوّل أخرجه البخاري ٤٢٥ و ١١٨٦ و ٥٤٠١ و ٦٤٢٣ و ٦٩٣٨ ، ومسلم ٣٣ ، وأحمد ٤ / ٤٤ و ٥ / ٤٤٩ من حديث عتبان بن مالك الأنصاري.
(٥) في صحيح مسلم ٢٩ من حديث عبادة مرفوعا : «من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، حرّم الله عليه النار». وفي البخاري ١٢٨ ، ومسلم ٣٢ من حديث أنس : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال ـ