وعذابه حق كائن للكفّار كلهم أجمعين ولبعض عصاة المسلمين ...
____________________________________
اهتزّ عرش الرحمن لموته (١) وهي أخذ أرض القبر وضيّقه أولا عليه ، ثم الله سبحانه يفسح ويوسع المكان مدّ نظره إليه قيل : وضغطته بالنسبة إلى المؤمن على هيئة معانقة الأم الشفيقة إذا قدم عليها ولدها من السفرة العميقة (وعذابه) أي إيلامه (حق كان للكفّار كلهم أجمعين ولبعض المسلمين) أي عصاة المسلمين كما في نسخة ، وكذا تنعيم بعض المؤمنين حق ، فقد ورد أن «القبر روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النيران» (٢). رواه الترمذي والطبراني رحمهماالله. وفي الحديث : أن القبر أول منازل الآخرة ، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه (٣). رواه الترمذي والنسائي ، والحاكم بسند صحيح عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.
واعلم أن أهل الحق اتفقوا على أن الله تعالى يخلق في الميت نوع حياة في القبر قدر ما يتألم ، أو يتلذّذ ، ولكن اختلفوا في أنه هل يعاد الروح إليه ، والمنقول عن أبي حنيفة رحمهالله التوقّف إلا أن كلامه هنا يدل على إعادة الروح ، إذ جواب الملكين فعل اختياري فلا يتصوّر بدون الروح وقيل : قد يتصوّر ألا ترى أن النائم يخرج روحه ، ويكون روحه متصلا بجسده حتى يتألم في المنام ويتنعّم ، وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه سئل كيف يوجع اللحم في القبور ، ولم يكن فيه الروح ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «كما يوجع سنّك وليس فيه الروح» (٤).
وأما ما قاله الشيخ أبو المعين في أصوله على ما نقله عنه القونوي من أن عذاب القبر حق سواء كان مؤمنا أو كافرا أو مطيعا ، أو فاسقا ، ولكن إذا كان كافرا فعذابه يدوم
__________________
وأخرجه من حديث ابن عباس الطبراني في الكبير والأوسط كما في المجمع ٣ / ٤٦ ـ ٤٧ ورجاله موثوقين.
(١) أخرجه البخاري ٣٨٠٣ ، ومسلم ٢٤٦٦ ح ١٢٤ ، وابن ماجة ١٥٨ ، وأحمد ٣ / ٣١٦ ، وابن أبي شيبة ١٢ / ١٢٤ ، وسعيد بن منصور في سننه ٢٩٦٣ ، وابن سعد ٣ / ٤٣٣ ـ ٤٣٤ ، والطبراني ٥٣٣٥ ، والبغوي ٣٩٨٠ ، وابن حبان ٧٠٣١ كلهم من حديث جابر بن عبد الله. وفي الباب أحاديث.
(٢) أخرجه الترمذي ٦٤٦٢ من حديث أبو سعيد الخدري بإسناد ضعيف. وأخرجه الطبراني في الأوسط كما في المجمع ٣ / ٤٦ من حديث أبي هريرة وفيه محمد بن أيوب بن سويد وهو ضعيف.
(٣) أخرجه الترمذي ٢٣٠٨ ، والحاكم ٣ / ١٣١ من حديث عثمان بن عفان ولم يخرّجه النسائي. وقال الترمذي : حسن غريب ، وصحّحه الحاكم ووافقه الذهبي.
(٤) لم أجده وهو معارض بالأحاديث الصحيحة والظاهر أنه موضوع.