____________________________________
في القبر إلى يوم القيامة ويرفع عنه العذاب يوم الجمعة وشهر رمضان بحرمة النبي صلىاللهعليهوسلم لأنه ما دام في الأحياء لا يعذّبهم الله تعالى بحرمته فكذلك في القبر يرفع عنهم العذاب يوم الجمعة ، وكل رمضان بحرمته ففيه بحث لأنه يحتاج إلى نقل صحيح ، أو دليل صريح ، فالصواب ما قاله القونوي : من أن المؤمن إن كان مطيعا لا يكون له عذاب القبر ، ويكون له ضغطة فيجد هول ذلك وخوفه لما أنه كان يتنعّم بنعم الله سبحانه ولم يشكر الإنعام حقه قال : ويدلّ عليه ما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال لعائشة رضي الله عنها : «كيف حالك عند ضغطة القبر وسؤال منكر ونكير»؟ ثم قال : «يا حميراء! إن ضغطة القبر للمؤمن كغمز الأم رجل ولدها ، وسؤال منكر ونكير للمؤمن كالإثمد للعين ، إذا رمدت» (١).
وكذا روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال لعمر رضي الله عنه : «كيف حالك إذا أتاك فتانا القبر»؟ فقال عمر : أفأكون في مثل هذه الحالة ، ويكون عقلي معي؟ قال عليه الصلاة والسلام : «نعم» ، قال عمر : إذا لا أبالي (٢).
وقال القونوي : وإن كان عاصيا يكون له عذاب القبر وضغطة القبر ، لكن ينقطع عنه عذاب القبر يوم الجمعة وليلة الجمعة ، ولا يعود العذاب إلى يوم القيامة ، وإن مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة يكون له العذاب ساعة واحدة وضغطة القبر ، ثم ينقطع عنه العذاب ، ولا يعود إلى يوم القيامة. انتهى. فلا يخفى أن المعتبر في العقائد هو الأدلة اليقينية وأحاديث الآحاد لو ثبتت إنما تكون ظنيّة. اللهمّ إلّا إذا تعدّد طرقه بحيث صار متواترا معنويّا فحينئذ قد يكون قطعيّا ، نعم ثبت في الجملة أن من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة يرفع العذاب عنه إلا أن لا يعود إليه إلى يوم القيامة ، فلا أعرف له أصلا ، وكذا رفع العذاب يوم الجمعة وليلتها مطلقا عن كل عاص ، ثم لا يعود إلى يوم القيامة فإنه باطل قطعا.
ثم من الأدلة على إنعام أهل الطاعة وإيلام أهل المعصية قوله سبحانه : (وَلا
__________________
(١) لم أجده وهو غير صحيح بكل حال فقد قال العلماء : لا يصح في ذكر يا حميراء حديث.
(٢) أخرجه ابن ماجة ٤٢٧٢ ، وأحمد ٢ / ١٧٢ ، وابن حبان ٣١١٥ ، وابن أبي عاصم في السنة ٨٦٧ ، وابن عدي في الكامل ٢ / ٨٥٥ كلهم من حديث عبد الله بن عمرو ، وذكره الهيثمي في المجمع ٣ / ٤٧ ، وقال : رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال الطبراني رجال الصحيح وفي إسناد أحمد بن لهيعة ضعيف.