ورسول الله صلىاللهعليهوسلم مات على الإيمان ....
____________________________________
قال ابن الهمام : ولا يخفى أن الدليل الأول ليس في محل النزاع وهو التكليف إذ عند القائلين بامتناعه يجوز أن يحمله جيلا فيموت ، وأما عند المعتزلة فبناء على جواز أنواع الإيلام بقصد العوض وجوبا ، وأما عند الحنفية المانعين منه أيضا فتفضّلا بحكم وعده على المصائب ، ولا يجوز أن يكلفه أن يحمل جبل بحيث إذا لم يفعل يعاقب وجوّزه الأشاعرة ، كما قال الله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (١).
وعن هذا النص ذهب المحقّقون ممّن جوّزه عقلا من الأشاعرة إلى امتناعه سمعا ، وإن جاز عقلا أي وإلا لزم وقوع خلاف خبره سبحانه ، أما الفعل المستحيل باعتبار سبق العلم الأولى بعدم وقوعه لعدم امتثاله مختارا ، وهو مما يدخل تحت قدرة العبد عادة فلا خلاف في وقوعه كتكليف أبي جهل وغيره من الكفرة بالإيمان مع العلم بعدم إيمانه والإخبار به ، لمّا تقدم من أنه لا أثر للعلم في سلب قدر المكلّف ، وفي جبره على المخالفة.
قال : ومن فروعه أيضا وهو أن لله إيلام الخلق وتعذيبهم من غير جرم سابق ولا ثواب لاحق خلافا للمعتزل حيث لم يجوّزوا ذلك إلا بعوض ، أو جرم ، وإلا لكان جرما غير لائق بالحكمة ، ولذا أوجبوا أن يقتصّ لبعض الحيوانات من بعض. انتهى.
وقد سبق أن الظلم في حقه تعالى محال ، وأنه سبحانه لا يجب عليه شيء بحال ، ففعله إما عدل ، وإما فضل.
وفي نسخة زيد قوله : (ورسول الله صلىاللهعليهوسلم مات على الإيمان) وليس هذا في أصل
__________________
٣٣٦٣ ، وأحمد ١ / ٢٨١ و ٣٠٧ ، والبيهقي في دلائل النبوة ٢ / ١٨١ ـ ١٨٢ ، والبغوي في شرح السّنّة ٣٧٤٢ ، والطبري في جامع البيان ١٩ / ١٢١ ، وابن حبان ٦٥٥٠ عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) ورهطك منهم المخلصين. قال : وهنّ في قراءة عبد الله خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أتى الصفا ، فصعد عليها ثم نادى يا صباحاه فاجتمع الناس إليه فبيّن رجل رجل يجيء وبين رجل يبعث رسوله ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، يا بني عبد مناف ، يا بني ، يا بني ، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم أصدقتموني؟ قالوا : نعم ، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فقال أبو لهب : تبّا لك سائر اليوم ، أما دعوتنا إلا لهذا ، ثم قام ، فنزلت : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) وقد تبّ ، وقالوا ما جرينا عليه كذبا. انظر جامع الأصول ٢ / ٢٨٧ ، وشرح مسلم ٣ / ٨٣ ، وفتح الباري ٨ / ٥٠٢.
(١) البقرة : ٢٨٦.