____________________________________
نَذِيراً) (١). وقوله سبحانه : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ) (٢). والله تعالى أعلم. وحديث مسلم : بعثت إلى الخلق كافّة (٣) فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (٤). وقد جاء عليهالسلام بالسيف للمعاندين والظالمين ، فالجواب : ما قال الزمخشري على وجه المثال : أنه سبحانه فجّر عينا غديقة فيسقي ناس مواشيهم وزروعهم بمائها فيفلحون ويبقى ناس مفرطون عن السقي فيضيعون فالعين في نفسها نعمة من الله ورحمة للفريقين ، لكن الكسلان جعلها محنة على نفسه حيث حرمها ولم ينفعها هذا ، وفي شرح العقائد أن الاستدلال بقوله عليه الصلاة والسلام : «أنا سيد ولد آدم ولا فخر (٥) ضعيف لأنه لا يدلّ على كونه أفضل من آدم عليهالسلام ، بل من أولاده. انتهى ، وفيه أن من أولاده من هو أفضل منه كإبراهيم عليهالسلام فيكون نبيّنا أفضل منه بلا نزاع مع أنه قد يراد بولد آدم الجنس الإنساني ، كما ورد «يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني» (٦) الحديث القدسي ، وقد جاء في أول حديث الشفاعة «أنا سيد الناس يوم القيامة» (٧). كما ذكره القونوي ، ثم قال : بل الأولى أن يستدل بقوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (٨) انتهى. ولا يخفى عدم قوة هذا
__________________
(١) الفرقان : ١.
(٢) الأنبياء : ٢٩.
(٣) أخرجه البخاري ٣٣٥ و ٤٣٨ ، ومسلم ٥٢١ ، وابن أبي شيبة ١١ / ٤٣٢ ، والنسائي ١ / ٢٠٩ ـ ٢١١ ، وأحمد ٣ / ٣٠٤ ، والدارمي ١ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣ ، والبيهقي في السنن ١ / ٢١٢ و ٢ / ٣٢٩ ، وفي الدلائل ٥ / ٤٧٢ ـ ٤٧٣ ، والبغوي ٣٦١٦ ، وابن حبان ٦٣٩٨ ، واللالكائي في أصول الاعتقاد ١٤٣٩ كلهم من حدث جابر بن عبد الله.
(٤) الأنبياء : ١٠٧.
(٥) تقدم تخريجه فيما سبق ص ١٦٩ تعليق ٤.
(٦) أخرجه الترمذي ٣٥٣٤ من حديث أنس بن مالك وفي سنده كثير بن فائد لم يوثّقه غير ابن حبان ، وباقي رجاله ثقات. وقال الترمذي حديث حسن غريب ، وهو كما قال. ونصه : «قال الله : يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ، ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني : غفرت لك ، ولا أبالي ، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا : لأتيتك بقرابها مغفرة».
(٧) أخرجه البخاري ٣٣٤٠ و ٣٣٦١ ، ومسلم ١٩٤ ، وابن أبي شيبة ١١ / ٤٤٤ ، والترمذي ٢٤٣٤ ، وأحمد ٢ / ٤٣٥ ـ ٤٣٦ ، وابن حبان ٦٤٦٥ ، والبيهقي في الأسماء والصفات ص ٣١٥ ، والبغوي ٤٣٣٢ ، وابن أبي عاصم في السنة ٨١١ ، وابن خزيمة في التوحيد ص ٢٤٢ ـ ٢٤٤ ، وابن مندة ٨٧٩ و ٨٨٠ ، وأبو عوانة ١ / ١٧٠ كلهم من حديث أبي هريرة مطوّلا.
(٨) آل عمران : ١١٠.