____________________________________
هذا لأم سعد (١). أخرجه أبو داود والنسائي رحمهماالله ، وأما ما ذكر في شرح العقائد من حديث : إن العالم والمتعلّم إذا مرّا على قرية فإن الله تعالى يرفع العذاب عن مقبرة تلك القرية أربعين يوما ، فقد صرّح الجلال السيوطي أنه لا أصل له.
قال القونوي : رحمهالله : والأصل في ذلك عند أهل السّنّة أن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو حجّا أو صدقة أو غيرها ، والشافعي رحمهالله جوّز هذا في الصدقة والعبادة المالية وجوّزه في الحج ، وإذا قرئ على القبر فللميت أجر المستمع ، ومنع وصول ثواب القرآن إلى الموتى وثواب الصلاة والصوم وجميع الطاعات والعبادات غير المالية ، وعند أبي حنيفة رحمهالله وأصحابه : يجوز ذلك وثوابه إلى الميت وتمسّك المانع من ذلك بقوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) (٢). وبقوله عليه الصلاة والسلام : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله» (٣). الحديث. والجواب أن الآية حجة لنا لأن الذي أهدى ثواب عمله لغيره سعى في إيصال الثواب إلى ذلك الغير ، فيكون له ما سعى بهذه الآية ، ولا يكون له ما سعى إلا بوصول الثواب إليه فكانت الآية حجّة لنا لا علينا ، وأما الحديث فيدلّ على انقطاع عمله ، ونحن نقول به ، وإنما الكلام في وصول ثواب غيره إليه والموصل الثواب إلى الميت هو الله تعالى سبحانه ، لأن الميت لا يسمع بنفسه والقرب والبعد سواء في قدرة الحق سبحانه ، هذا وقد قال الله تعالى : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (٤). وفيه ورد لما قاله بعض المعتزلة إن الدعاء لا تأثير له في تغيير القضاء ، والجواب أن الدعاء يردّ البلاء إذا كان على وفق القضاء ، والحاصل أن القضاء المعلّق يتغيّر بخلاف المبرم والله تعالى أعلم.
وأما الدعاء فمخّ العبادة سواء طابق القضاء أم لا ، فربما يخفّف البلاء ، واختلف في الأفضل هل هو الدعاء ، أو السكوت والرضاء فقيل : الأول لأنه عبادة في نفسه وهو مطلوب ومأمور بفعله ، وقيل : السكوت والرضاء والخمود تحت جريان الحكم أتمّ
__________________
(١) أخرجه أبو داود ١٦٨١ ، والنسائي ٦ / ٢٥٤ كلاهما من حديث سعد بن عبادة.
(٢) النجم : ٣٩.
(٣) أخرجه مسلم ١٦٣١ ، والترمذي ١٣٧٦ ، وأبو داود ٢٨٨٠ ، والنسائي ٦ / ٢٥١ ، وأحمد ٢ / ٣٨٢ ، والبخاري في «الأدب المفرد» رقم : ٣٨ ، وابن الجارود ٣٧٠ من حديث أبي هريرة. وتمامه : «انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو ولد صالح يدعو له ، أو علم ينتفع به من بعده».
(٤) غافر : ٦٠.