____________________________________
يقينا ، فمحمول على أصل اليقين فإن مقام العيان فوق مرتبة البيان عند جميع الأعيان ، بل فوقهما مقام يسمى حق اليقين فالإيمان الغيبي محله الدنيا والعيني في مواقف العقبي والحقي عند دخول جنة المأوى ، وتحقيق رؤية المولى.
هذا وذكر ابن الهمام أن الحنفية ومعهم إمام الحرمين لا يمنعون الزيادة والنقصان باعتبار جهات هي غير نفس ذات التصديق ، بل يتفاوت المؤمن به عند الحنفية ومن وافقهم لا بسبب تفاوت ذات التصديق ، وروي عن أبي حنيفة رحمهالله أنه قال : إيماني كإيمان جبرائيل عليه الصلاة والسلام ، ولا أقول : مثل إيمان جبرائيل عليه الصلاة والسلام لأن المثلية تقتضي المساواة في كل الصفات والتشبيه لا يقتضيه ، بل يكفي لإطلاقه المساواة في بعضه فلا أحد يساوي بين إيمان آحاد الناس ، وإيمان الملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام من كل وجه.
اعلم أن الحديث المشهور أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص (١) ، والإيمان لا يزيد ولا ينقص كله غير صحيح على ما ذكره الفيروزآبادي (٢) في الصراط المستقيم ، وقد روى ابن ماجة بسنده إلى علي رضي الله عنه رفعة الإيمان عقد بالقلب وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان (٣) ، لكن حكم عليه ابن الجوزي بالوضع ، وأما ما رواه الفقيه أبو الليث السمرقندي في تفسيره عند هذه الآية وهي قوله تعالى : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) (٤). فقال (٥) الفقيه : حدّثنا محمد بن الفضل وأبو القاسم [السّاباذي] (٦) قالا : حدّثنا فارس بن مردويه ، قال : حدّثنا محمد بن الفضل بن [العابد] (٧) ، قال : حدّثنا يحيى بن عيسى قال : حدّثنا أبو مطيع عن
__________________
(١) تقدّم تخريجه فيما سبق.
(٢) هو الإمام اللغوي الشهير أبو طاهر مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيرازي الفيروزآبادي المتوفى سنة ٨١٧ ه.
(٣) أخرجه ابن ماجة ٦٥ من حديث علي بن أبي طالب. قال ابن ماجة : قال أبو الصلت : لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لبرأ.
وقال في الزوائد : إسناد هذا الحديث ضعيف لاتفاقهم على ضعف أبي الصلت الراوي.
(٤) التوبة : ١٢٤ ـ ١٢٥.
(٥) في شرح الطحاوية : [حدّثنا الفقيه].
(٦) تصحّفت في الأصل : إلى الشاباري والصواب [السّاباذي] كما في شرح الطحاوية.
(٧) تصحفت في الأصل إلى العائد والصواب [العابد] كما في شرح الطحاوية.