____________________________________
يشترط أن يعبّر عن ذلك بلسانه ، وهذا وإن لم يكن مؤمنا عنده على الإطلاق ، ولكنه ليس بكافر لوجود ما يضادّ الكفر وهو التصديق فهو عاص بترك النظر والاستدلال ، وهو في مشيئة الله تعالى كسائر العصاة إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة ، وإن شاء عذّبه بقدر ذنبه وصار عاقبة أمره إلى الجنة انتهى.
ولا يخفى أن هذا مناف لما صدّره من كلامه حيث جعله شرط صحة الإيمان فإن أريد به شرط صحة كمال الإيمان فهو موافق مع الجمهور في هذه المسألة ، ثم الأظهر ما قاله أبو الحسن الرستغني وأبو عبد الله الحليمي من أنه ليس الشرط أن يعرف كل المسائل بالدليل العقلي ، ولكن إذا بنى اعتقاده على قول الرسول بعد معرفته بدلالة المعجزة أنه صادق ، فهذا القدر كاف لصحة إيمانه وهذا لا ينافي ما سبق من الجمهور من الحكم بعصيان تارك الاستدلال فيما يتعلق بالإيمان على حسب الإجمال ، وأما الإيمان وهو التصديق المأمور به فقد وجد فينال ثواب ما وعد به سواء وجد منه التصديق عن دليل ، أو عن غير دليل ، وأما ما نقله القونوي من أن أبا حنيفة رحمهالله حين قيل له : ما بال أقوام يقولون بدخول المؤمن النار؟ فقال : لا يدخل النار إلا كل مؤمن ، فقيل له : فالكافر؟ فقال : هم يؤمنون يومئذ ، كذا ذكره في الفقه الأكبر فليس بموجود في الأصول المعتبرة والنسخ المشتهرة.
ثم قال ومعنى قول العلماء إن الإيمان عند معاينة العذاب لا يصح أي لا ينفع أقول ، بل لا يصح لأن الأمر الشرعي هو الإيمان الغيبي ، ثم التحقيق أن الاستدلال ليتوصل به إلى التصديق في المآل ، فإذا وصل إلى المقصود حصل المطلوب إذ لا عبرة لعدم الذريعة والوسيلة عند حصول المراد من الفضيلة ، وتحقيقه أن الرسول صلىاللهعليهوسلم عدّ من آمن به وصدقه فيما جاء به من عند الله مؤمنا ولم يشتغل بتعليمه الدلائل العقلية في المسائل الاعتقادية ، وكذا الصحابة رضي الله تعالى عنهم حيث قبلوا إيمان الزط والأنباط مع قلة أذهانهم وبلادة أفهامهم ، ولو لم يكن ذلك إيمانا لفقد شرطه وهو الاستدلال العقلي لاشتغلوا بأحد الأمرين إما بالإعراض عن قبول إسلامهم ، أو بنصب متكلم حاذق بصير بالأدلة عالم بكيفية المحاجّة لتعليم صناعة الكلام ، والمناظرة ، ثم بعد ذلك يحكمون بإيمانهم وعند امتناع الصحابة رضي الله عنهم ، وامتناع كلّ من قام مقامهم إلى يومنا هذا من ذلك ظهر أن ما ذهبوا إليه باطل لأنه خلاف صنع النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه العظام رضي الله عنهم وغيرهم من الأئمة الكرام على أن من أصحابنا من قال : إن المقلّد لا يخلو عن نوع علم فإنه ما لم يقع عنده أن المخبر صادق لا يصدقه فيما أخبر به وخبر