____________________________________
المشركين على المسلمين ويقول : إن الرسول أمره بقتال المسلمين مع المشركين لكون المسلمين قد عصوا وهؤلاء في الحقيقة أخوان المشركين.
ثم الناس من أهل العلم في حق رجال الغيب ثلاثة أحزاب : حزب يكذبون بوجود رجال الغيب ، ولكن قد عاينهم الناس وثبت ذلك ممن عاينهم أو حدّثه الثقات بما رأوه وهؤلاء إذا رأوهم وتيقنوا وجودهم خضعوا لهم ، وحزب عرفوهم ورجعوا إلى القدر واعتقدوا أن ثمة في الباطن طريقا إلى الله غير طريقة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وحزب ما أمكنهم أن يجعلوا وليّا خارجا عن دائرة الرسول فقالوا : يكون الرسول هو ممدّا للطائفتين فهؤلاء معظّمون للرسول جاهلون بدينه وشرعه ، والحق أن هؤلاء من أتباع الشياطين ، وأن رجال الغيب هم الجنّ لأن الإنس لا يكون دائما محتجبا عن أبصار الإنس وإنما يحتجب أحيانا ، فمن ظنّ أنهم من الإنس فمن غلطه وجهله وسبب الضلال فيهم وافتراق هذه الأحزاب الثلاثة عدم الفرقان بين أولياء الشيطان وأولياء الرحمن (١) ، وبالجملة فالعلم بالغيب أمر تفرّد به سبحانه ، ولا سبيل للعباد إليه إلا بإعلام منه وإلهام بطريق المعجزة ، أو الكرامة ، أو الإرشاد إلى الاستدلال بالأمارات فيما يمكن فيه ذلك. ولهذا ذكر في الفتاوى أن قول القائل عند رؤية هالة القمر أي دائرته يكون مطر مدّعيا علم الغيب لا بعلامة كفر.
ومن اللطائف ما حكاه بعض أرباب الظرائف أن منجّما صلب فقيل له : هل رأيت هذا في نجمك؟ فقال : رأيت رفعة ، ولكن ما عرفت أنها فوق خشبة.
ثم اعلم أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يعلموا المغيبات من الأشياء إلا ما علّمهم الله تعالى أحيانا.
وذكر الحنفية تصريحا بالتكفير باعتقاد أن النبي عليه الصلاة والسلام يعلم الغيب لمعارضة قوله تعالى : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) (٢). كذا في المسايرة.
ومنها : ما ذكره شارح عقيدة الطحاوي (٣) عن الشيخ حافظ الدين .....
__________________
(١) شرح الطحاوية ٢ / ٧٦٣ ـ ٦٦٧ بشيء من التصرف.
(٢) النمل : ٦٥.
(٣) ١ / ٢٠٤.