____________________________________
أنكر وعده أو وعيده يكفّر. وكذا لو تمنّى أن لا يكون نبي من الأنبياء على قصد استخفاف أو عداوة قيل : ينبغي أن لا يقيّد التكفير بذلك بهذا لأن وجود الأنبياء مما اقتضته الحكمة بلا شبهة فتمنى أن لا يوجد نبي من الأنبياء كفر مطلقا ، وأجيب بأن اقتضاء الحكمة ذلك إنما هو لتبليغ الأحكام الإلهية إلى عباده ، ويمكن أن تبلغ تلك الأحكام إليهم بلا واسطة نبي فعدم تكوّن الأنبياء بالتمام لا يستلزم أن لا تثبت تلك الأحكام حتى يكون تمنّي ذلك موجبا للكفر على أن تمنّي ذلك لغو لا أثر له في الوجود بخلاف تمنّي حلّ الزنا وأمثاله ، مما يتعلق بأفعال العباد. لأن أمثال ذلك يتضمن الفساد : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) (١). وفيه بحث من وجوه.
أما أولا ، فلأنه لا شك أن وساطة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عن حكمة خاصة بهم ، وإن كان يمكن إعلام الأحكام بدونهم.
وأما ثانيا ، فلأن الفرق غير ظاهر بينهما ، بل تمنّي عدم وجود الأنبياء أعمّ وأتمّ من تمنّي حلّ الزنا ، وقتل النفس ونحوهما.
وأما ثالثا ، فلأن الفساد لا يوجب كونه كفرا في البلاد والله رءوف بالعباد. وكذا لو ضحك على وجه الرضا ممّن تكلم بالكفر ، وأما إذا ضحك لا على وجه الرضى بل بسبب أن كلام الموجب للكفر عجيبا غريبا يضحك السامع ضرورة فلا يكفر.
وكذا لو جلس على مكان مرتفع وحوله جماعة يسألونه مسائل ويضحكون ويضربونه بالوسائد يكفرون جميعا وذلك لأن هذه الجماعة يجعلون ذلك الشخص مثل النبي صلىاللهعليهوسلم وينزلون الغير منزلة أصحابه الكرام في السؤال بالمسائل والأحكام استهزاء بالنبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه نعوذ بالله من ذلك.
وكذا لو أمر رجلا أن يكفر بالله ، أو عزم على أن يأمره بالكفر وذلك لأنه رضا بالكفر والرضا بالكفر كفر سواء كان بكفر نفسه أو بكفر غيره ، وقد سبق زيادة بيان في هذا الكلام وتحقيق أمره.
وكذا لو قال عند شرب الخمر أو الزنا بسم الله أي عمدا أو باعتقاد أنهما حلالان. وكذا لو أفتى لامرأة بالكفر لتبيّن من زوجها ، وذلك بأن يقول المفتي أو القاضي للمرأة
__________________
(١) البقرة : ٢٠٥.