____________________________________
اجتمع عنده كذا وكذا خصلة» (١) فمن استثنى من المتقدمين فإنما استثنى على أنه لم يعرف ذلك من نفسه لا أنه يشك في إيمانه انتهى. وحاصله أن الاستثناء راجع إلى كمال إيمانه وجمال إحسانه لا إلى تصديقه في جنانه ، أو إقراره بلسانه ، وقد سبق تحقيق البحث مع برهانه ، وفي الخلاصة كافر قال لمسلم : اعرض عليّ الإسلام ، فقال : اذهب إلى فلان العالم كفر لأنه رضي ببقائه في الكفر إلى حين ملازم العالم ولقائه أو لجهله بتحقيق الإيمان لمجرد إقراره بكلمتي الشهادة ، فإن الإيمان الإجمالي صحيح إجماعا.
وقال أبو الليث : إن بعثه إلى عالم لا يكفر لأن العالم ربما يحسن ما لا يحسن الجاهل فلم يكن راضيا بكفره ساعة بل كان راضيا بإسلامه أتمّ وأكمل.
وفي الجواهر من قيل له : ما الإيمان؟ فقال : لا أدري كفر ، وفيه بحث إذ يحتمل السؤال عن حقيقة الإيمان وحده ، وعن الإجمالي والتفصيلي وليس كل واحد يعلم التفصيلي بل ولا حدّه الجامع المانع كما أشار إليه سبحانه بقوله لسيد خلقه : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) (٢) الآية ، مع أن الإجماع على أنه كان مؤمنا ، نعم لو قيل له : أمؤمن أنت ، أو من صدق بقلبه وشهد بلسانه (أنه لا إله إلّا الله وأن محمدا رسول الله) يجوز قتله فقال : لا أدري يكفر ...
ومن قال لمريد الإسلام لا أدري صفته ، أو اذهب إلى عالم أو إلى فلان يعرض عليك الإسلام أو اصبر إلى آخر المجلس كفر ، يعني في الصور كلها ، أما في الصورة الأخيرة فالكفر ظاهر ، وأما فيما قبلها فتقدم الكلام عليها. وفي الظهيرية : كافر. قال لمسلم : أعرض عليّ الإسلام ، فقال : لا أدري صفته كفر ، لأن الرضاء بكفر نفسه كفر ، وفي أن الرضاء بكفر غيره أيضا كفر إلا فيما استثنى منه على ما سيأتي ، وإنما الكلام على أنه إذا قال : لا أدري صفة الإسلام وأراد نعته بالوجه التمام هل يكفر أم لا؟ والظاهر أنه لا يكفر كما سبق عليه الكلام ، وقال : وفي موضع آخر من الظهيرية : الرضاء بالكفر كفر عند الحامدي ، وفيه أن المسألة إذا كانت مختلفا فيها لا يجوز تكفير مسلم بها ، وفي الحاوي من قيل له : أتعرف التوحيد وحده وإنك موحد أم لا؟ فقال : لا فلا وجه لتكفيره أصلا.
__________________
(١) لعل المصنف ساقه بالمعنى والله أعلم.
(٢) الشورى : ٥٢.