____________________________________
وفي المحيط من قال : لا أدري صفة الإسلام فهو كافر ، وقال شمس الأئمة الحلواني فهذا رجل لا دين له ولا صلاة ولا صيام ولا طاعة ولا نكاح ، وأولاده أولاد الزنا ، وفيه أن الرجل إذا صدق بجنانه وأقرّ بلسانه فهو مسلم بالإجماع وعدم علمه بصفة الإسلام بعد اتّصافه به لا يخرجه عن الإسلام من غير نزاع ، ونظيره من أكل شيئا ولم يعرف اسمه ووصفه ، وكذا إذا صلى وصام بشرائطهما وأركانهما ولم يعرف تفصيلهما ، وقال : لا أدري عند سؤاله عنهما ، فإنه لا يكفر ، وإلا فلا يبقى مؤمن في الدنيا إلا قليل ممّن يعرف علم الكلام ، وفيه حرج على أهل الإسلام فمثل هذا السؤال مغلطة للجهّال ، وقد نهى النبي صلىاللهعليهوسلم عن الأغلوطات (١).
ثم قوله : وأولاده أولاد الزنا ليس على إطلاقه لأن أولاده قبل هذا السؤال منه لا شك أنهم أولاد الحلال ، وإنما الكلام فيما بعد السؤال إن لم يقع منه ما يكون توبة ورجوعا إلى الإسلام على تقدير فرض كفره عند العلماء الأعلام ، ثم قال : صغيرة نصرانية تحت مسلم كبرت غير معتوهة ولا مجنونة وهي لا تعرف دينا من الأديان تبين من زوجها ، وفيه أنها إذا كانت عاقلة فلا شك أنها مقلّدة لآبائها وأمّهاتها ، أو لأهل بلدتها أو قريتها كما يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام : «كلّ مولود يولد على فطرة الإسلام فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه». على أنها يوم كانت النصرانية ثابتة لها بالتبعية ما بانت من زوجها فكيف إذا كانت على الفطرة الأصلية من غير تلبّس وتدنّس بالنصرانية ، ثم قال : وكذا الصغيرة المسلمة إذا بلغت عاقلة وهي لا تعرف الإسلام ولا تصفه بانت من زوجها ، وفيه ما سبق من أنه لا يلزم معرفة حكم الإسلام ولا وصفه تفصيلا وإجمالا في تحقيق إيمانها ، بل يكفيها التصديق والإقرار مع أنه إذا سئلت من أن من أسلم هل يحرم دمه وماله فتقول : لا ، فلا شك في إيمانها ومعرفتها لحكم الإسلام إلا أنها جاهلة بمورد الكلام ، وهو لا يضرّها في مقام المرام.
ثم قال : لأنهما جاهلتان ليست لهما ملّة مخصوصة وهي شرط النكاح ابتداء وبقاء ، وفيه أن كونهما جاهلتين بتفاصيل الأحكام مسلم ، أما نفي الملّة المخصوصة عنهما فمدفوع لأن بنت النصرانية إذا قيل لها : أنت على أيّ ملّة لا شك أنها تقول على ملّة النصرانية ، فكذا إذا قيل للمسلمة الكبيرة : أنت على أيّ ملّة؟ فلا مرية أنها تقول على ملّة الإسلام.
__________________
(١) تقدم تخريجه فيما سبق.