بسم الله الرّحمن الرّحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اصطفاه رحمة للعالمين ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلّم تسليما كثيرا.
أما بعد : فإن مذهب السّلف هو المذهب المنصور ، والحق الثابت المأثور ، وأهله هم الفرقة الناجية والطائفة المرحومة ، التي هي بكل خير فائزة ، ولكلّ مكرمة راجية ، من الشفاعة والورود على الحوض المورود ورؤية الحق وغير ذلك من سلامة الصدر ، والإيمان بالقدر ، والتسليم لما جاءت به النصوص.
ومقصودنا من مذهب السلف ما كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وتابعوهم بإحسان ممّن شهد لهم النبي صلىاللهعليهوسلم بالخيرة ثم أئمة المسلمين ممّن شهد لهم بالإمامة وتلقّى الناس كلامهم خلفا عن سلف أمثال الأئمة الأربعة المجتهدين ، فكل إمام منهم عبّر عن معتقده ومن هؤلاء الأئمّة الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ، فقد أعلن في كتابه الفقه الأكبر أن معتقده هو معتقد السلف أهل السّنّة والجماعة ، فقد أثبت رحمهالله جميع ما جاء به القرآن والسّنّة دون تأويل ، أو تحريف للكلم عن مواضعه.
وقد تصدّى العلماء لشرح الفقه الأكبر ، وقام غير واحد بهذه المهمة ومنهم على سبيل الذكر الإمام أبو منصور الماتريدي المتوفّى سنة ٣٣٣ ه وقد طبع هذا الشرح بالهند.
ومنهم العلّامة الفقيه علي بن سلطان الهروي المكّي الشهير بالقاري المتوفّى سنة ١٠١٤ ه ، وهو شرحنا هذا ، وهو شرح جيد أكثر فيه من التقوّل عن أئمة المذهب الحنفي وخاصّة كتاب الوصية لأبي حنيفة وهو كتاب لم يطبع بعد ، وكتاب شرح العقيدة الطحاوية للقاضي ابن أبي العز الدمشقي الحنفي المتوفى سنة ٧٩٢ ه ولكنه رحمهالله لا يصرّح باسمه فتارة يقول : قال شارح الطحاوية أو عقيدة الطحاوي وأحيانا لا يصرّح بذلك ، ورأيته رحمهالله ينقل من شرح العقائد النسفية للسعد التفتازاني ، ويزيّن شرحه