____________________________________
وإن شئت يهوديّا كلاهما عندي سواء كفر لأن هذا رضي بالكفر ، ومن رضي بكفر غيره يكفر انتهى. وتقدّم الخلاف ولا يبعد أن يقال إنه كفر لإطلاق قوله المستلزم أن تكون الملّة الحنيفية واليهودية سواء إلا أن سياق الكلام يدل على أن مراده استواء إسلام الخصم وكفره عنده لعدم مبالاته بأمره.
وفي الخلاصة أو الحاوي قيل لمسلم قل : لا إله إلا الله فلم يقل كفر. أي لأنه امتنع عن الإقرار وهو شرط إجراء أحكام الإسلام بخلاف ما لو قال : لا أقول بقولك ، أو أنا معلوم الإسلام ... وفي التتمة فقال : لا أقوله بلا نيّة حضرت أو على نيّة التأييد كفر ، ولو نوى الآن لا أي لا يكفر. وهو يؤيد ما قرّرناه. وفي الجواهر والمحيط : لو قال ما ربحت بقول هذه الكلمة حتى أقولها كفر ... وفي المحيط لو قالت : كوني كافرة خير من الكون معك كفرت ، لأن المقام مع الزوج فرض فقد رجحت الكفر على الفرض ، وفيه بحث لأن المقام مع الزوج لو كان فرضا لما أبيح الخلع فيمكن حمل كلامها على أن العشرة في حال الكفر مع قبحها أهون من العشرة في صحبتك ، ومن دعى إلى الصلح فقال : أنا أسجد للصنم ولا أدخل في هذا الصلح ، قيل : لا يكفر أي لأن غاية كلامه أن دخوله في الصلح أصعب أو أقبح أو أكره من الكفر مع أنهما قبيحان ، وقال برهان الدين صاحب المحيط : وفيه نظر ، وعند أنه يكفر ، قلت : ولعل وجه نظره أنه رجح الصلح الذي هو خير كما قال الله تعالى : (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) (١). على الكفر الذي هو محض شرّ مع ما يلزمه من تحريم الصلح ولو فرد منه على أن قوله : أنا أسجد للصنم إقرار بالكفر ، وقوله : ولا أدخل في هذا الصلح إخبار عن امتناعه فيثبت كفره أولا ولا يمنعه إخباره ثانيا ، وإن كانت الجملة الثانية حالية.
ولو قال : ما أمرني فلان ، أي من المشايخ أو العلماء والأمراء افعل ، ولو بكفر أو قال : ولو كان كلمة كفر كفر أي لأنه نوى الكفر في الاستقبال ، فيكفر في الحال ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (٢). وهذا رجح
__________________
(١) النساء : ١٢٨.
(٢) أخرجه أبو داود ٤٢٥٢ ، وأحمد ٤ / ١٢٣ و ٥ / ٢٧٨ و ٢٨٤ ، وابن ماجة ٣٩٥٢ ، والبيهقي في الدلائل ٦ / ٥٢٧ ، وابن حبان ٤٥٦٩ كلهم من حديث علي بن أبي طالب.
وأخرجه أحمد ٦ / ٤٤١ من حديث أبي الدرداء.
وفي الباب عن عمر عند أحمد ١ / ٤٢ ، وأبي نعيم في الحلية ٦ / ٤٦.