____________________________________
حكم المخلوق بالكفر على أمر الخالق بالإيمان ونهيه عن الكفر.
ومن قال أنا بريء من الإسلام قيل : يكفر ، هكذا في النسخ ، وهو غير صحيح إذ يكفر في هذه الصورة بلا خلاف ، وإنما الاختلاف فيما إذا قال : أنا بريء من الإسلام إن فعلت كذا. ثم فعله كما هو مقرر في محله ... وفي الحاوي من مرّ على مؤذّن فقال : كذبت كفر ... وفي الجواهر أو قال : صوت طرفة حين سمع الأذان أو قراءة القرآن استهزاء كفر ، وقوله : استهزاء يفيد ما قرّرنا سابقا حيث أطلقه ، وفي التتمة ، أو قال لمؤذن يؤذن استهزاء بأذانه : من هذا المحروم الذي يؤذن ، وفي المحيط ، أو قال : هذا صوت غير المتعارف ، أو صوت الأجانب كفر في الكل. أقول : فإذا سمع صوت مؤذّن غريب فقال : هذا صوت أجنبي ، أو غير معروف لا يكفر ، ويؤيد ما قررناه قوله : وإن قال لغير المؤذّن لا يكفر ، يعني إذا أذّن بغير وقت استهزاء ، فقال له هذه الألفاظ لا يكفر.
وفي الخلاصة من قال : النصرانية خير من اليهودية ، أو على العكس يكفر ، وينبغي أن يقول : اليهودية شرّ من النصرانية يعني لأنه لا خير فيهما وأحدهما شر من الآخر منهما ، لكن لو أراد بخيرية النصرانية قربهم إلى الملة الإسلامية لا يكفر ، قال الله تعالى : (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) (١).
وفي الخلاصة من قال : فلان أكفر مني يكفر. أي إذا أراد به أفعل التفضيل من الكفر لا من الكفر إن كما قال الله تعالى : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (٢). أو قال : ضاق صدري حتى أردت أن أكفر ، كفر أي إن أراد بأردت قصدت ونويت بخلاف ما إذا أراد به قصدت وقاربت لما تقدّم والله تعالى أعلم ... وفي الفتاوى الصغرى من تقلنس بقلنسوة المجوس أي لبسها وتشبّه بهم فيها ، أو خاط خرقة صفراء على العاتق أي وهو من شعارهم ، أو شدّ في الوسط خيطا كفر ، إذا كان مشابها بخيطهم ، أو ربطهم ، أو سمّاه زنارا وإلا فلا يكفر ، ولو شبّه نفسه باليهود والنصارى أي صورة أو سيرة على طريق المزاح والهزل ، أي ولو على هذا المنوال كفر.
وفي الخلاصة من وضع قلنسوة المجوس على رأسه قال بعضهم : يكفر ، وقال بعض المتأخرين : إن كان لضرورة الرد أو لأن البقرة لا تعطيه اللبن حتى يلبسها لا
__________________
(١) المائدة : ٨٢.
(٢) عبس : ١٧.