وما ذكر الله تعالى في القرآن حكاية عن موسى وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وعن فرعون وإبليس فإن ذلك كله كلام الله تعالى إخبارا عنهم ، وكلام الله تعالى غير مخلوق وكلام موسى وغيره من المخلوقين ....
____________________________________
القائم بنفسه فلا يحتاج إلى غيره بوجه من الوجوه المقيم لغيره فلا قيام لغيره إلا بإقامته فانتظم هذان الاسمان صفات الكمال على الوجه الأتم فلا يبعد أن يكونا الاسم الأعظم والله سبحانه أعلم. (وما ذكر الله تعالى في القرآن) أي المنزل والفرقان المكمل (حكاية موسى وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام) أي إخبارا منهم أو حكاية عنهم (وعن فرعون وإبليس) أي ونحوهما من الأعداء الأغبياء.
وفي تخصيص موسى عليه الصلاة والسلام إيماء إلى أنه صاحب التكليم والكلام ، وفي تقديم فرعون إشعار بأنه في مقام التلبيس أقوى من إبليس ، وفيه ردّ على ابن العربي (١) ومن تبعه كالجلال الدواني (٢) ، وقد ألّفت رسالة مستقلة في تحقيق هذه المسألة وبيّنت ما وقع لهم من الوهم في المواضع المشكلة وأتيت بوضوح الأدلة المستجمعة من الكتاب والسّنّة ونصوص الأئمة (فإن ذلك) أي ما ذكر من النوعين (كله) على ما في نسخة أي جميعه (كلام الله تعالى) أي القديم (إخبارا عنهم) أي وفق ما قد كتب من الكلمات الدالّة عليه في اللوح المحفوظ قبل خلق السماء والأرض والروح لا بكلام حادث حصل بعد علم حادث عند سمعه من موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومن فرعون وإبليس وهامان وقارون وسائر الأعداء ، فإذا لا فرق بين إخبار الله تعالى عن أخبارهم وأحوالهم وأسراهم ، كسورة تبّت وآية القتال ونحوها وبين إظهار الله تعالى من صفات ذاته وأفعاله وخلق مصنوعاته كآية الكرسي ، وسورة الإخلاص ، وأمثالها ، وبين الآيات الآفاقية والأنفسية في كون كلّ منها كلامه وصفته الأقدسية الأنفسية ومجمل الكلام قوله : على ما في نسخة : (وكلام الله تعالى) أي ما ينسب إليه سبحانه (غير مخلوق) ، أي ولا حادث (وكلام موسى) أي ولو كان مع ربّه (وغيره) أي وكذا كلام غيره (من المخلوقين) أي كسائر الأنبياء والمرسلين والملائكة
__________________
(١) الأولى التفريق بين محيي الدين بن عربي والقاضي أبو بكر بن العربي فتكتب ابن عربي بدون تعريف وتعني محيي الدين بن عربي وإذا أطلقت معرفة فتعني القاضي أبو بكر بن العربي.
والمقصود هنا محيي الدين بن عربي وستأتي ترجمته.
(٢) هو محمد بن أحمد وقيل أسعد الصديقي البكري قاضي القضاة بفارس جلال الدين الدواني الفقيه الشافعي المتوفى سنة ٩٠٨ ه.