فهو له صفات بلا كيف ولا يقال : إن يده قدرته أو نعمته ، لأن فيه إبطال الصفة. وهو قول أهل القدر والاعتزال ولكن يده صفته بلا كيف ...
____________________________________
فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) (١). وقوله تعالى : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) (٢).
وكذا قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (٣). (فهو) أي جميع ما ذكر (له) أي للحق سبحانه (صفات) أي متشابهات. (بلا كيف) أي مجهول الكيفيات ، وفي نسخة : وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن إلى آخره (ولا يقال) أي في مقام التأويل كما عليه بعض الخلف مخالفين للسلف (إن يده قدرته) أي بطريق الكناية (أو نعمته) أي بناء على أن اليد تطلق على النعمة ومنه قول الشاطبي (٤) :
إليك يدي منك الأيادي تمدّها (٥)
قال شارحه المراد باليد هنا الجارحة ، والأيادي جمع يد بمعنى النعمة فالمعنى الأيادي الفائضة من حضرتك حملتني على مدّ يدي إليك في طلب المسئول وبغية المأمول ، وكذا لا يقال أن وجهه ذاته وعينه بصره واستواءه على العرش استيلاؤه (لأن فيه) أي في تأويله (إبطال الصفة) أي في الجهلة لأنه تعالى حيث أطلق اليد ، ولم يذكر القدرة والنعمة بدلها فالظاهر أنه أراد بها غير معنييهما (وهو) أي إبطال الصفة من أصلها وبأسرها (قول أهل القدر) أي عموما (والاعتزال) أي خصوصا بناء على توهّم لزوم تعدّد القدماء ؛ فإن صفة القديم لا يكون إلا قديما ، وإلا فليلزم أن تكون ذاته محلا للحوادث هنالك وهو منزّه عن ذلك وقد علمت أن صفاته سبحانه ليست عين ذاته ولا غيرها فلا يلزم تعدّد القدماء ثم أكد القضية بقوله : (ولكن يده صفته بلا كيف) أي بلا معرفة كيفيته
__________________
(١) الطور : ٤٨.
(٢) الأنعام : ٩١.
(٣) طه : ٥.
(٤) هو القاسم بن منيرة بن أبي القاسم خلف بن أحمد الحافظ أبو محمد الرعيني الأندلسي المعروف بالشاطبي المالكي المقرئ النحوي توفي بمصر سنة ٥٩٠ ه أهم مصنفاته تتمة الحرز من قراءة الأئمة الكنز ومنظومة حرز الأماني الشهيرة بالشاطبية وغيرها.
(٥) وتمامه :
أجرني فلا أجري بجور فأخطلا
وهو في منظومته الشاطبية المعروفة بحرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع ص ٨.