____________________________________
ويفوّض أمر علمه إلى قائله وينزّه الباري عن الجارحة ومشابهة الصفات المحدثات.
وقال الإمام الأعظم رحمهالله في كتابه الوصية : نقرّ بأن الله على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة إليه واستقرار عليه ، وهو الحافظ للعرش وغير العرش : فلو كان محتاجا لما قدر على إيجاد العالم وتدبيره كالمخلوق ، ولو صار محتاجا إلى الجلوس والقرار فقبل خلق العرش أين كان الله تعالى فهو منزّه عن ذلك علوّا كبيرا. انتهى.
ونعم ما قال الإمام مالك رحمهالله حيث سئل عن ذلك الاستواء فقال : الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعة والإيمان به واجب ، وهذه طريقة السلف وهي أسلم والله أعلم ، وقد سبق تأويلات بعض الخلف ، وقد قيل : إنه أحكم لكنه نقل بعض الشافعية أن إمام الحرمين كان يتأوّل أولا ، ثم رجع في آخر عمره وحرم التأويل ، ونقل إجماع السلف على منعه كما بيّن ذلك في الرسالة النظامية ، وهو موافق لما عليه من أصحابنا الماتريدية وتوسط ابن دقيق العيد (١) فقال : يقبل التأويل إذا كان المعنى الذي أوّل به قريبا مفهوما من تخاطب العرب ويتوقف فيه إذا كان بعيدا ، وجرى ابن الهمام على التوسّط بين أن تدعو الحاجة إلى التأويل لخلل في فهم العوام وبين أن لا تدعو الحاجة لذلك المرام بحسب اختلاف المقام.
قال شارح العقيدة الطحاوية : ولا يقال إن الرضى إرادة الإكرام والغضب إرادة الانتقام ، فإن هذا نفي للصفة ، وقد اتفق أهل السّنّة على أن الله يأمر بما يحبه ويرضاه ، وإن كان لا يريده ولا يشاءه وينهى عما يسخطه ويكرهه ويبغضه [ويغضب] (٢) على فاعله ، وإن كان قد شاءه وأراده فقد يحب [عندهم] (٣) ويرضى ما لا يريده ويكرهه (٤) ويسخط ويغضب لما أراده ، ويقال لمن تأول الغضب [والرضى] (٥) بإرادة [الانتقام (٦)
__________________
ـ جاء في الفتح ٥ / ٢١٧ : اختلف في الضمير على من يعود فالأكثر أنه يعود على المضروب ، لما تقدّم في الأمر بإكرام وجهه ، ولو لا أن المراد التعليل بذلك لم يكن لهذه الجملة ارتباط بما قبلها.
(١) هو محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري القوصي المعروف بابن دقيق العيد الحافظ أبو الفتح المصري المالكي ثم الشافعي الفقيه المحدّث المتوفى سنة ٧٠٢ ه.
(٢) سقطت [ويغضب] من الأصل فاستدركناها من شرح الطحاوية ٢ / ٦٨٥.
(٣) سقطت كلمة [عندهم] من الأصل واستدركناها من شرح الطحاوية.
(٤) في شرح الطحاوية : ويكره.
(٥) سقطت كلمة [الرضا] من الأصل واستدركناها من شرح الطحاوية.
(٦) في شرح الطحاوية [الإحسان].