____________________________________
بأربعين سنة» (١) فمبني على أن لا اعتراض على العاصي بعد توبته ورجوعه إلى طاعته ، وأن له حينئذ أن يتعلق بالقضاء والقدر ، بل يحتاج أن يعتقد أن معصيته كانت مقدّرة قبل خلقه.
وليس له حين مباشرته قبل تحقّق توبته أن يتشبث بالقضاء والقدر في قضيته فإنه حينئذ كالمعارض لنهيه سبحانه عن معصيته وأمره بطاعته ، ولا رادّ لقضائه ولا معقّب لحكمه ولا غالب لأمره ...
وعن وهب بن منبه (٢) أنه قال : نظرت في القدر فتحيّرت ، ثم نظرت فيه فتحيّرت ، ووجدت أعلم الناس بالقدر أكفّهم عنه ، وأجهل الناس بالقدر أنطقهم فيه (٣) ، ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام : «وإذا ذكر القدر فأمسكوا» (٤). يعني عن بيان حقيّته لا عن الإيمان به وحقيقته ، وأما قوله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) (٥) الآية. فالأصح أن المراد بالحسنة هنا النعمة وبالسيئة البليّة
__________________
(١) أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري ٤٣٠٩ و ٤٧٣٦ و ٤٧٣٨ و ٦٦١٤ ، ومسلم ٢٦٥٢ ، ومالك ٢ / ٨٩٨ ، والحميدي ١١١٥ ، وأحمد ٢ / ٢٤٨ و ٢٦٤ و ٢٦٨ ، وأبو داود ٤٧٠١ ، وابن ماجة ٨٠ ، والترمذي ٢١٣٤ ، وابن أبي عاصم ١٣٩ و ١٤٠ ، وابن خزيمة في التوحيد ص ٩ و ٥٤ و ٥٦ ، والبغوي ٩٦ ، والآجري في الشريعة ص ١٨١ ، واللالكائي ١٠٣٣ و ١٠٣٤. وأخرجه من حديث ابن عمر أبو داود ٤٧٠٢ ، والبزار ٢١٤٦ ، وابن خزيمة في التوحيد ص ١٤٣ ـ ١٤٤ ، والآجري ص ١٨٠ ، وابن أبي عاصم ١٣٧.
(٢) هو الإمام العلّامة الأخباري القصصي ، وهب بن منبّه بن كامل بن سيج بن ذي كبار اليماني الصغاني. أخو همام بن منبّه ، مولده زمن عثمان سنة أربع وثلاثين ، ورحل وحجّ وأخذ عن غير واحد من الصحابة والتابعين ، وروايته للمسند قليلة ، إنما غزارة علمه في الإسرائيليات ومن صحائف أهل الكتاب ، توفي سنة ١١٠ ه وقيل ١١٣ ه. مترجم في سير أعلام النبلاء ٤ / ٥٤٤ ـ ٥٥٧.
(٣) الكلام من قوله : فما شئت كان وإن لم أشأ إلى هنا مأخوذ من شرح الطحاوية ١ / ١٣٥ ـ ١٣٧ بشيء من التصرّف.
(٤) رواه الطبراني كما في المجمع ٧ / ٢٠٢ من حديث ثوبان وقال الهيثمي : فيه يزيد بن ربيعة وهو ضعيف.
وأورده الهيثمي في المجمع من حديث عبد الله بن مسعود وقال : رواه الطبراني وفيه مسهر بن عبد الملك وثّقه ابن حبّان وغيره ، وفيه خلاف ، وبقية رجاله رجال الصحيح. ا. ه. وتمامه : «إذا ذكر أصحابي فأمسكوا وإذا ذكر النجوم فأمسكوا وإذا ذكر القدر فأمسكوا».
(٥) النساء : ٧٨.