____________________________________
قبل الفعل ولا بعد الفعل ، لأنه لو كان قبل الفعل لكان العبد مستغنيا عن الله سبحانه وقت الفعل ، وهذا خلاف النص أي خلاف حكم النص كما في نسخة لقوله تعالى : (وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) ، ولو كان بعد الفعل لكان من المحال حصول الفعل بلا استطاعة ولا طاقة. انتهى.
والمعنى أن حصول الفعل بلا استطاعة من قبل الله تعالى ولا طاقة لمخلوق فيما لم يقارن الاستطاعة الإلهية بفعله بناء على مقتضى ضعف البشرية وقوة الربوبية ، وهذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام : «لا حول ولا قوة إلا بالله» (١). أي لا حول عن معصيته إلا بعصمته ولا قوة على طاعته إلا بإعانته ، وقال الإمام الأعظم في كتابه الوصية : ثم نقرّ بأن الله تعالى خالق الخلق ورازقهم ولم يكن لهم طاقة لأنهم ضعفاء عاجزون محدثون ، والله تعالى خالقهم ورازقهم لقوله سبحانه : (الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) (٢). والكسب من الحلال حلال وجمع المال من الحرام حرام ، والخلق على ثلاثة أصناف : المؤمن المخلص في إيمانه ، والكافر الجاحد في كفره ، والمنافق المداهن في نفاقه ، والله تعالى فرض على المؤمن العمل وعلى الكافر الإيمان ، وعلى المنافق الإخلاص بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) (٣). ومعناه : يا أيها المؤمنون أطيعوا الله ، ويا أيها الكافرون آمنوا بالله ، ويا أيها المنافقون أخلصوا لله. انتهى. وإذا تحقق أن الله خالق الخلق علم أنه لا يجب لهم شيء على الحق فإنه سبحانه لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون ، وكان القياس أن يقال القائل يكون العبد خالقا لأفعاله يكون من المشركين دون الموحدين كما يشير إليه حديث : «القدري مجوس هذه الأمة» (٤) ، حيث ذهبوا إلى أن للعالم فاعلين أحدهما : الله سبحانه وتعالى وهو فاعل
__________________
(١) هو بعض حديث تقدّم تخريجه فيما سبق ص ١٢ رقم (٦).
(٢) الروم : ٤٠.
(٣) البقرة : ٢١.
(٤) أخرجه أبو داود ٤٦٩١ والحاكم ١ / ٨٥ من طريق أبي حازم سلمة بن دينار عن ابن عمر ، وهو منقطع لأن أبا حازم لم يسمع من ابن عمر ، ورواه اللالكائي في شرح السّنّة ١١٥٠ والآجري في الشريعة ص ١٩٠ من طريق زكريا بن منظور ، عن أبي حازم عن نافع عن ابن بعمر ... وزكريا بن منظور ضعيف ، وقال الدارقطني : متروك. وفي الباب عن سهل بن سعد عند اللالكائي ١١٥٢ وفي سنده يحيى بن سابق المدني ، قال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الثقات.
وتمامه : «إن مرضوا ، فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم».