____________________________________
طلاقك ونواه طلّقت ، ولو قال : أردته أو أحببته ، أو رضيته ونواه لا يقع على تفرقة هذه الصفات في العباد فليس كما قال أنه مخالف لما عليه أكثر أهل السّنّة ، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام ما أجمع عليه السلف من قوله : «ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن» (١) ، وقد خالفت المعتزلة في هذين الأصلين فأنكروا إرادة الله للشر مستدلّين على زعمه بقوله تعالى : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) (٢) ، وإن الله (لا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) (٣) ، (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) (٤) ، (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) (٥). وهذا منهم بناء على تلازم الإرادة والمحبة والرضا والأمر عندهم ، وقالوا : إنه سبحانه أراد من الكافر الإيمان لا الكفر ، ومن العاصي الطاعة لا المعصية زعما منهم أن إرادة القبيح قبيحة فعندهم يكون أكثر ما يقع من أفعال العباد على خلاف إرادة الله سبحانه ، وقد دلّت الآيات الواضحات على خلاف قولهم كقوله تعالى : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) (٦). وقوله : (لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) (٧) ، (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) (٨) ، (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (٩).
وروى البيهقي بسنده أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه : «لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس» (١٠). ثم قول المعتزلة : إرادة القبيح قبيحة هو بالنسبة إلينا أما
__________________
(١) تقدم تخريجه فيما سبق.
(٢) غافر : ٣١.
(٣) الزّمر : ٧.
(٤) الأعراف : ٢٨.
(٥) البقرة : ٢٠٥.
(٦) الأنعام : ١٢٥.
(٧) الرعد : ٣١.
(٨) السجدة : ١٣.
(٩) الإنسان : ٣٠ ، والتكوير : ٢٩.
(١٠) أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ١ / ٢٥٩ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وأورده الهيثمي في المجمع ٧ / ١٩١ ـ ١٩٢ من حديث طويل وقال : رواه الطبراني في الأوسط واللفظ له ، والبزار بنحوه ، وفي إسناد الطبراني عمر بن الصبح وهو ضعيف جدّا ، وشيخ البزار السكن بن سعيد ولم أعرفه ، وبقية رجال البزار ثقات وفي بعضهم كلام لا يضر. وعزاه العجلوني في كشف الخفاء رقم ٢٠٩٩ لأبي نعيم من حديث ابن عمر وبحثت عنه في الحلية فلم أجده.