قدرته على ذلك أنّه خلقهم من ضعف في حال طفولتهم ، ثمّ جعل لهم من بعد ضعفهم قوّة في حال شبابهم ، ثمّ جعل لهم من بعد قوّتهم ضعفا في حال شيخوختهم ، فهو قادر على أن يضعفهم وينصر المؤمنين عليهم ؛ ثم ذكر عذابهم الأكبر بعد عذاب الدنيا ، وذلك حين تقوم القيامة فتنسيهم شدّتها مقدار ما لبثوه في دنياهم ، فيقسمون أنهم ما لبثوا فيها غير ساعة ، ويردّ عليهم أهل العلم والإيمان بأنهم لبثوا الأجل الذي ضربه الله لهم إلى يوم البعث. ولكنّهم كانوا لا يؤمنون بذلك ففاتهم العلم به ، ويومئذ يلقون عذابهم ولا ينفعهم معذرة ولا يكون لهم استعتاب ، لأنّه لم يجعل لهم ما يعتذرون به بعد أن ضرب لهم في القرآن من كلّ مثل ، فكانوا لا يؤمنون بما يأتيهم به من الآيات ؛ ثمّ ختمت السورة بالأمر بالصبر الى أن يتحقّق ذلك الوعد ، فقال تعالى : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (٦٠)).