ليصحّني فإذا السلامة داء
وروي أن رجلا مات فجأة ، فاجتمع عليه الناس وقالوا مات وهو صحيح ، فقال أعرابي : أصحيح من الموت في عنقه؟
فإن قيل : لم لا يجوز النظر في علم النجوم ، مع أنّ إبراهيم (ع) قد نظر فيه ، وحكم منه؟
قلنا : ليس المنجّم كإبراهيم (ع) ، في أن الله تعالى أراه ملكوت السماوات والأرض ؛ فأبيح له النظر في علم النجوم والحكم منه.
فإن قيل : قوله تعالى : (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (٩٣) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (٩٤)) أي يسرعون ، يدلّ على أنهم عرفوا أنّه هو الكاسر لها ؛ وقوله تعالى في سورة الأنبياء (قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا) [الأنبياء : ٥٩] ، وما بعده يدلّ على أنّهم ما عرفوا أنّه الكاسر ، فكيف التوفيق بينهما؟
قلنا : يجوز أن يكون الّذي عرفه وزفّ إليه بعضهم ، والّذي جهله وسأل عنه بعض آخر ؛ ويجوز أن الكلّ جهلوه وسألوا عنه ، فلما عرفوا أنه الكاسر لها زفّوا إليه كلّهم.
فإن قيل : ما معنى قوله تعالى على لسان ابراهيم صلوات الله عليه (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي) [الآية ٩٩].
قلنا : معناه إلى حيث أمرني ربّي بالمهاجرة ، وهو الشّام. وقيل : إلى طاعة ربّي ورضاه. وقيل : إلى أرض ربّي ؛ وإنّما خصّها بالإضافة إلى الله تعالى ، تشريفا لها وتفضيلا ، لأنّها أرض مقدّسة مبارك فيها للعالمين ، كما في قوله تعالى (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) [الجنّ : ١٨] ، وقوله تعالى : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) [الفرقان : ٦٣].
فإن قيل : ما المقصود بقوله تعالى : (سَيَهْدِينِ (٩٩)) وهو كان مهتديا؟
قلنا : المقصود : سيثبّتني على ما أنا عليه من الهدى ، ويزيدني هدى. وقيل : (سَيَهْدِينِ (٩٩)) إلى الجنّة. وقيل إلى الصّواب في جميع أحوالي. ونظيره قول موسى عليه الصلاة والسلام ، كما ورد في التنزيل : (كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢)) [الشعراء].
فإن قيل : كيف شاور إبراهيم ولده ، عليهماالسلام ، في ذبحه بقوله كما نصّ القرآن : (فَانْظُرْ ما ذا تَرى) [الآية ١٠٢] ، مع أنّه كان حتما على إبراهيم ،