وتعالى ، من قدرته وحكمته ، ما يستغنى معه عن الأولياء والأولاد. ثم أمر النبي (ص) أن يخلص العبادة له ، وأوعد من يتّخذون من دونه أولياء يعبدونهم ليقربوهم إليه بحكمه بينهم يوم القيامة ؛ ثم ذكر جلّ وعلا ، أن كل ما عداه مخلوق له فيستحيل أن يكون له ولد منهم ، لأن الولد يجب أن يجانس والده في الألوهية ، فهو خالق السماوات والأرض ، ومكوّر الليل على النهار والنهار على الليل ، إلى غير هذا مما ذكره من خلقه ؛ ثم ذكر أنهم ، إن يكفروا بعد ذلك ، فهو غني عنهم ، ولا تزر وازرة وزر أخرى ، فلا شفاعة لولي أو ولد أو غيرهما مما يعبدونهم.
ثم ذكر ، سبحانه ، أنه إذا مسّ الإنسان ضرّ لجأ إليه وحده ، ونسي أولياءه وشفعاءه إليه ، فإذا كشف الضّر عنه وصار في نعمة ، نسيه واتّخذ له أندادا من الأولياء والشفعاء ، ثم هدّد هذا الإنسان الجاحد الكافر بأنه سيتمتّع بكفره ثم يكون من أصحاب النار ، لأنه لا يصح أن يستوي هو ومن يقنت إلى ربه ويعمل لآخرته ، ولا يصح أن يستوي من يعلم أن العبادة لله وحده بمن لا يعلم ذلك ، فيجب على المؤمنين أن يتّقوا ربهم وحده ، وأن يكونوا أول المسلمين له ، وليعبد غيرهم ما يشاءون من دونه ، فسيكون لهم من العقاب ما يكون ، وسيكون للّذين يخلصون العبادة له من الثواب ما يكون.
ثم ذكر أنه ، جلّت قدرته ، هو الّذي أنزل المطر فسلكه ينابيع في الأرض ، ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ، ثم يهيج فتراه مصفرّا ، ثم يجعله حطاما ؛ ففي ذلك دليل أيضا على تفرّده سبحانه بالألوهية ، وأنه لا يشاركه في ألوهيّته ما يتخذونه من الشفعاء والأولاد ، ثم ذكر أنه لا يعرف هذا إلا من استنار قلبه بالإسلام ؛ ثم نوّه السياق بشأن القرآن الّذي يأتي بمثل هذا البيان ، مما تقشعرّ منه الجلود ، وتلين منه القلوب ، وجمع في هذا بين الوعد والوعيد على نحو ما سبق.
ثم ضرب مثلا لمن يتّخذ معه آلهة من الأولاد والأولياء بعبد فيه شركاء متشاكسون ، فلا يمكنه أن يرضيهم كلهم ؛ وضرب مثلا لمن يعبد الله وحده بعبد خالص لرجل واحد ،