والعمل. وقال غيره : قال ابن عبّاس وابن مسعود ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة : المراد بلهو الحديث الغناء. وعن الحسن رحمهالله تعالى أنّه كلّ ما ألهى عن الله تعالى. وفي معنى يشتري قولان : أحدهما أنّه الشّراء بالمال والثاني أنّه الاختيار كما مرّ. وقيل الغناء منفدة للمال ، مفسدة للقلب ، مسخطة للربّ.
قلنا : جوابه أنّهم يؤوّلون هذه الآية ونظائرها ، وهذه الأحاديث ونظائرها فيصرفونها عن ظاهرها متابعة للهوى وميلا إلى الشهوات ؛ ولو نظروا بعقولهم في ما ينشأ عن جمعيّات السّماع في زماننا هذا من المفاسد ، لعلموا حرمته بلا خلاف بين المسلمين ، فإنّ شروط إباحة السّماع عند من أباحه لا تجتمع في زماننا هذا ، على ما هو مسطور في كتب المشايخ وأرباب الطريق ، ولو اشتغلنا بتفصيل مفاسده وعدد شروطه عند من أباحه لخرجنا عن مقصود كتابنا هذا.
فإن قيل : لم وقع قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) [الآية ١٤] ، في أثناء وصيّة لقمان لابنه ، وما الجامع بينهما؟
قلنا : هي جملة وقعت معترضة على سبيل الاستطراد ، تأكيدا لما في وصيّة لقمان من النهي عن الشرك.
فإن قيل : في قوله تعالى : (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) [الآية ١٤] ، لم اعترض بين الوصيّة ومفعولها؟
قلنا : لمّا وصى سبحانه بالوالدين ذكر ما تكابده الأم خاصة ، وتعانيه من المشاق والمتاعب تخصيصا لها بتأكيد الوصيّة ، وتذكير تعظيم حقّها بإفرادها بالذكر ؛ ومن هنا قال رسول الله (ص) لمن قال له : من أبرّ؟ قال أمّك ثم أمّك ثم أمّك ، ثم قال بعد ذلك : ثمّ أباك.
فإن قيل : لم قال تعالى : (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) [الآية ١٩] فجمع الأصوات ، وأفرد صوت الحمير.
قلنا : ليس المراد ذكر صوت كلّ واحد من آحاد هذا الجنس حتّى يجمع ، وإنّما المراد أنّ كلّ جنس من الحيوان الناطق وغيره له صوت ، وأنكر الأصوات من هذه الأجناس صوت هذا الجنس ، فوجب إفراده لئلا يظن أن الاجتماع شرط في ذلك.