الثّالث : أن تكون من قبيل الصنعة والحرفة ، كالنّجارة والخياطة والتّجارة ، ونحوها ، والتّلبّس فيه يدور مدار أخذ هذه المبادي واتّخاذها صنعة وحرفة ، والانقضاء يتحقّق بتركها والإعراض عنها ، ولا فرق في ذلك بين كون انتساب المبدا إلى الذّات حقيقيّا ، كالخيّاط والنّجار ونحوهما ، أو كان تبعيّا ، كاللّابن والتّامر ، حيث إنّ اللّبن أو التّمر منتسب إلى بائع اللّبن أو التّمر بتبع انتساب بيعه إليه.
فتحصّل : أنّ اختلاف المبادي لا يوجب اختلافا في دلالة المشتقّ بحسب الهيئة ولا تفاوتا في الجهة المبحوث عنها.
غاية الأمر ، أنّ التّلبّس يختلف باختلاف المبادي في المضيّ أو الحال ، فيكون التّلبّس به فعلا لو أخذ حرفة أو ملكة ولو لم يتلبّس به إلى الحال ، أو انقضى عنه ، ويكون ممّا مضى أو يأتي لو اخذ فعليّا ، فلا يتفاوت فيها أنواع التّلبّسات وأنواع التّعلّقات.
الأمر الخامس : في مادّة المشتقّات.
قد اختلفت أقوال النّحاة في مادّة المشتقّات بعد اتّفاقهم على أصل وجودها.
ذهب الكوفيّون إلى أنّ مادّتها هي المصدر (١) ، واختاره ابن مالك. (٢)
وذهب البصريّون إلى أنّها هي الفعل (٣) ، وقيل : هي اسم المصدر.
__________________
(١) شرح الكافية : ج ٢ ، ص ١٩١ و ١٩٢.
(٢) البهجة المرضيّة : ج ١ ، ص ٢٢١ و ٢٢٢ ، حيث قال :
«المصدر اسم ما سوى الزّمان من |
|
مدلولى الفعل كأمن من امن |
بمثله
أو فعل أو وصف نصب |
|
وكونه أصلا لهذين انتخب» |
(٣) شرح الكافية : ج ٢ ، ص ١٩١ و ١٩٢.