(الأمر الثّاني والعشرون : المشتقّ)
لا كلام ولإشكال في أنّ إطلاق المشتقّ على المتلبّس بالمبدإ في الحال حقيقيّ ، كما لا إشكال في أنّ إطلاقه على من يتلبّس به بعد ، مجازيّ.
إنّما الكلام والإشكال في إطلاقه على من انقضى عنه المبدا ، فهل هو مجاز أو حقيقة؟
وقبل الورود في تحقيق ذلك ، ينبغي التّنبيه على امور :
الأوّل : أنّ الظّاهر هو كون هذه المسألة لغويّة ، قرّرت لتعيين ما وضع له المشتقّ ، وأنّه هل هو خصوص المتلبّس بالمبدإ في الحال أو الأعمّ منه وممّا انقضى عنه المبدا؟ بعد الاتّفاق على المجازيّة فيمن يتلبّس ، فيبحث هنا عن الحقيقة والمجاز الّذين كانا من شئون الاستعمال ، وهذا ممّا أشار إليه المحقّق الأصفهاني قدسسره. (١)
وقد ذهب الشّيخ محمد هادي الطّهراني قدسسره (٢) إلى أنّ المسألة عقليّة وقال في تقريبها ، ما محصّله : أنّه لا خلاف في مفهوم المشتقّ ومعناه ، وإنّما الخلاف في الحمل ، فالقائل بعدم صحّة إطلاق المشتقّ على المنقضى عنه المبدا يرى وحدة سنخ الحمل في المشتقّات والجوامد ، فكما لا يصحّ إطلاق الماء ـ مثلا ـ على الهواء بعد ما كان ماء وزالت عنه صورته المائيّة ـ بسبب أنّ معنى الانتزاعي تابع لمنشا انتزاعه ويدور مداره حدوثا وبقاء ، والمنشأ لا وجود له بعد الانقضاء ـ كذلك لا يصحّ إطلاق
__________________
(١) راجع ، نهاية الدّراية : ج ١ ، ص ٩٥.
(٢) راجع ، نهاية الدّراية : ج ١ ، ص ٩٥.