«إنّ اللّفظ لا يدلّ بذاته على معناه ، بل باعتبار الإرادة والقصد». (١)
وأمّا احتمال أنّ مرادهما قدسسرهما هو وضع الألفاظ للمعاني المرادة على نحو القضيّة الحينيّة ، وأنّها وضعت لذوات المعاني حين إرادتها بلا شطريّة وشرطيّة ، فبعيد عن مساق كلامهما قدسسرهما وكذا حمل كلامهما على الدّلالة التّصديقيّة وأنّ دلالتها على كون معانيها مرادة تابعة لإرادتها تبعيّة مقام الإثبات للثّبوت ، فأبعد ؛ لصراحة كلامهما في الدّلالة التّصوّريّة.
على أنّ الإحراز المذكور متوقّف على أصل عقلائيّ وهو أصالة تطابق الإرادتين وهما الاستعماليّة والجدّيّة.
(الأمر الثّالث عشر : وضع المركّبات)
لا يخفى : أنّ المراد من «المركّبات» هنا هو مجموع المادّة والهيئة ، كقولنا : زيد
__________________
(١) راجع ، الجوهر النّضيد : ص ٧ و ٨ ؛ وإليك نصّ كلامه : «اللّفظ يدلّ على تمام معناه بالمطابقة ، دلالة الإنسان على الحيوان النّاطق ، وعلى جزئه بالتّضمّن ، دلالته على بعض أجزائه ، وعلى ملزومه خارجا عنه ، بالالتزام دلالة الضّاحك عليه».
قال العلّامة في شرحه : «الرّابع : اعلم أنّ اللّفظ قد يكون مشتركا بين المعنى وجزئه ، أو بينه وبين لازمه ، وحينئذ يكون لذلك اللّفظ دلالة على ذلك الجزء من جهتين ، فباعتبار دلالته عليه من حيث الوضع يكون مطابقة ، وباعتبار دلالته من حيث دخوله في المسمّى يكون تضمّنا ، وكذا في الالتزام ، فكان الواجب عليه أن يقيّد في الدّلالات الثّلاث بقوله : من حيث هو كذلك ، وإلّا اختلّت الرّسوم. ولقد أوردت عليه (قدس روحه) هذا الإشكال ، وأجاب بأنّ اللّفظ لا يدلّ بذاته على معناه ، بل باعتبار الإرادة والقصد ، واللّفظ حين ما يراد منه المعنى المطابقيّ لا يراد منه التّضمّني ، فهو إنّما يدلّ على معنى واحد لا غير ، وفيه نظر».