وفيه : أنّ نتيجتها هي الملازمة الّتي تكون عين وجوب المقدّمة ، ولكن ذلك ليس حكما فرعيّا ، بل هي كبرى من الكبريات الاصوليّة تضمّ إلى الصّغرى ، فتفيد النّتيجة ، كقولنا : «هذا مقدّمة الواجب ، وكلّ مقدّمة الواجب واجب ، فهذا واجب». (١)
الأمر السّادس : في تأسيس الأصل.
لا إشكال : في أنّه إذا علم ثبوت الملازمة بين وجوب المقدّمة ووجوب ذيها يحكم به ، إنّما الإشكال فيما إذا شكّ في ثبوتها وعدمه ، فهل هنا أصل يرجع إليه حتّى يتعيّن ذلك ، أم لا؟
فنقول : إنّ الأصل في المقام يلاحظ بالنّسبة إلى جهتين :
إحداهما : الجهة الاصوليّة ، وهي جهة الملازمة بين الوجوبين وعدمها.
ثانيهما : الجهة الفقهيّة وهي جهة وجوب المقدّمة وعدمه.
أمّا الاولى : فلا يجري فيها الأصل ، سواء كان هو الاستصحاب ، أو البراءة :
أمّا الاستصحاب ، فلأجل أنّ الملازمة ، إمّا تكون ثابتة في نفس الأمر مع قطع النّظر عن تحقّق طرفيها ؛ وإمّا لا تكون كذلك ، وعلى كلا التّقديرين ، فهي أزليّة ، ليس لها حالة سابقة يشكّ في أنّها باقية أم لا ، وكذا الحال على تقدير تحقّق الطّرفين ؛ لعدم العلم بوجودها ، أو عدمها في زمان سابق حتّى يستصحب إلى زمان الشّكّ ، فيتعيّن إمّا وجودها ، أو عدمها.
على أنّ نفس الملازمة لا تكون حكما شرعيّا ، ولا ذا حكم شرعيّ ، وواضح ، أنّه يعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون المستصحب كذلك.
__________________
(١) راجع ، كتاب بدائع الأفكار : ج ١ ، ص ٣٩٧.