(الأمر التّاسع : الوضع)
يقع البحث عن الوضع في مقامات ثمانية :
(المقام الأوّل : منشأ دلالة الألفاظ على معانيها)
فيه قولان :
أحدهما : القول بالوضع وهو الحقّ ، وسيتّضح وجهه من تضعيف القول الثّاني.
ثانيهما : القول بالمناسبة الذّاتيّة بين الألفاظ والمعاني ، بمعني : أنّ اللّفظ إنّما يدلّ على معناه بالطّبع ، وبلحاظ خصوصيّة في ذاته وحاقّ هويّته ، بلا وضع وتعهّد في البين ، كالمناسبة بين الماء والبرودة ، أو النّار والحرارة ، فكما أنّ المناسبة هناك ذاتيّة تكوينيّة ، لا وضعيّة جعليّة ، كذلك المقام ، هذا هو المنسوب إلى سليمان بن عبّاد الصّيمري. (١)
ولا يخفى : أنّ هذا القول ممّا لا يساعده الوجدان والبرهان.
أمّا الوجدان ، فلأنّ المناسبة الذّاتية تقتضي انتقال الذّهن من مجرّد سماع اللّفظ إلى معناه ، مع أنّه ليس كذلك بالوجدان ، بل لا بدّ للسّامع من العلم بالوضع وتعلّم أوضاع اللّغات المتنوّعة الجارية على الألسنة المختلفة.
__________________
(١) راجع ، الفصول الغرويّة : ص ١٠٧.