هذا كلّه في الإشكال على تعريف المشهور بعدم الانعكاس.
وأمّا الإشكال عليه بعدم الاطّراد ، فلأنّ التّعريف المذكور يشمل القواعد الفقهيّة ، حيث إنّها ـ أيضا ـ قواعد ممهّدة تقع في طريق استنباط الأحكام الشّرعيّة ، كالقواعد الاصوليّة.
وفيه : أنّ القواعد الفقهيّة ليست إلّا أحكاما عامّة جارية في الأبواب المختلفة من الفقه ، بلا اختصاص لها بباب دون باب ، فأين هذا من القواعد الّتي يستنبط منها الأحكام!؟
وإن شئت فقل : إنّ القواعد الاصوليّة إنّما مهّدت لاستنباط الأحكام الشّرعيّة بخلاف القواعد الفقهيّة ، فإنّها نفس الأحكام العامّة المستنبطة الّتي تنطبق على مواردها.
ومن المعلوم : أنّ تطبيق الحكم المستنبط على موارده ، غير استنباط الحكم من قاعدته ، ففي القواعد الاصوليّة ، استنباط وتوسيط ، بمعني : أنّ بها يستنبط الحكم ويتوسّل إليه ؛ وأمّا القواعد الفقهيّة ، ففيها انطباق وتطبيق على مواردها الجزئيّة ، كقاعدة اليد والفراغ والتّجاوز وغيرها.
ولقد أجاد الإمام الرّاحل قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث قال ـ بعد العدول عن تعريف المشهور ـ ما هذا لفظه : «ويمكن أن يقال : بأنّه هو القواعد الآليّة الّتي يمكن أن تقع في كبرى الأحكام الكلّيّة الفرعيّة أو الوظيفة العمليّة ، فيخرج بالآليّة ، القواعد الفقهيّة ، فإنّ المراد بها كونها آلة محضة ، ولا ينظر فيها ، بل ينظر بها فقط ، والقواعد الفقهيّة ينظر فيها ، فتكون استقلاليّة لا آليّة». (١)
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٥ و ٦.