ممن افترى على الله كذبا ، وأضمر خبر الابتداء ، إلا إنه يحتاج إلى تمام ؛ لأن «ممن افترى على الله كذبا» تمام «أظلم» ، وكذلك «أفعل من كذا» حيث وقع ، «من» وما بعدها ، من تمام «أفعل»
٢٣ ـ (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)
من قرأ «تكن» ، بالتاء ، أنث لتأنيث لفظ «الفتنة» ، وجعل ، الفتنة ، اسم «كان».
وقيل : هى خبر «كان» ، و «أن» اسم «كان» ، وأنث «تكن» على المعنى ؛ لأن «أن» وما بعدها هو الفتنة فى المعنى ؛ لأن اسم «كان» هو الخبر فى المعنى ؛ إذ هى داخلة على الابتداء والخبر.
وجعل «أن» اسم «كان» هو الاختيار عند أهل النظر ؛ لأنها لا تكون إلا معرفة ، لأنها لا توصف ، فأشبهت المضمر ، والمضمر أعرف المعارف ، فكان الأعرف اسم «كان» أولى مما هو دونه فى التعريف ؛ إذ الفتنة إنما تعرفت بإضافتها إلى المضمر ، فهى دون تعريف «أن» بكثير.
ومن قرأ «يكن» ، بالياء ، ورفع «الفتنة» ، ذكّر ؛ لأن تأنيث الفتنة غير حقيقى ؛ لأن الفتنة يراد بها المعذرة ، والمعذرة والعذر سواء ، فحمله على المعنى ، فذكّر ؛ ولأن الفتنة ، هى القول فى المعنى ، فذكر حملا على المعنى.
٢٥ ـ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ
وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ
الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)
«من» : مبتدأ ، وما قبلة خبره ، وهو «ومنهم». ووحد «يستمع» ؛ لأنه حمله على لفظ «من» ، ولو جمع فى الكلام على المعنى ، لحسن ؛ كما قال فى يونس «ومنهم من يستمعون إليك» الآية : ٤٢
«أساطير» : واحدها : أسطورة ؛ وقيل : إسطارة ؛ وقيل : هى جمع الجمع ، واحده : إسطار ، وإسطار : جمع : سطر ، ولكنه جمع قليل ، وأساطير : جمع كثير.
٢٧ ـ (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا
وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
«ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون» : من رفع الفعلين عطفهما على «نرد» ، وجعله كله مما تمناه الكفار يوم القيامة ، تمنوا ثلاثة أشياء : أن يردوا ، وأن لا يكونوا قد كذبوا بآيات الله فى الدنيا ، وتمنوا أن يكونوا من المؤمنين.