ـ ٤٥ ـ
سورة الجاثية
٤ ، ٥ ـ (وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ
الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
«آيات» : من قرأه «آيات» فى الموضعين بكسر التاء ، عطفه على لفظ اسم «إن» ، فى قوله «إن فى السموات والأرض لآيات» الآية : ٣ ، ويقدر حذف «فى» من قوله «واختلاف الليل» ؛ أي : فى اختلاف الليل ، فيحذف «فى» لتقدم ذكرها فى «إن فى السموات والأرض» ، وفى قوله «وفى خلقكم» ، فلما تقدمت مرتين حذفها مع الثالث لتقدم ذكرها ؛ فبهذا يصح النصب فى «آيات» الأخيرة.
وإن لم يقدر هذا الحذف كنت قد عطفت على عاملين مختلفين ، وذلك لا يجوز عند البصريين ، والعاملان هما : «إن» الناصبة ، و «فى» الخافضة ؛ فتعطف الواو على عاملين مختلفى الإعراب : ناصب وخافض ؛ فإذا قدرت حذف «فى» لتقدم ذكرها لم يبق إلا أن تعطف على واحد ؛ وذلك حسن.
وقد جعله بعض الكوفيين من باب العطف ، على عاملين : ولم يقدر حذف «فى» ، وذلك بعيد.
وحذف حرف الجر ، إذ تقدم ذكره ، جائز ، وعلى ذلك أجاز سيبويه : مررت برجل صالح إلا صالح ، ف «صالح» ؛ يريد : إلا بصالح ، ثم حذف الباء لتقدم ذكرها.
وقيل : إن قوله تعالى «واختلاف الليل» معطوف على «السموات» ، و «آيات» نصبت على التكرير ، لما طال الكلام ؛ فهى الأولى ، لكن كررت فيهما لما طال الكلام ، كما تقول : ما زيد قائما ولا جالسا زيد ، فنصبت «جالسا» على أن «زيد» الآخر هو الأول ، ولكن أظهرته للتأكيد ، ولو كان الآخر غير الأول لم يجز نصب «جالس» ، لأن خبر «ما» لا يتقدم على اسمها ؛ فهى بخلاف «ليس» ، فكذلك «الآيات» الأخيرة هى الأولى ، لكن أظهرت لما طال الكلام للتأكيد ، فلا يلزم فى ذلك عطف على عاملين.
فأما من رفع «آيات» فى الموضعين ، فإنه عطف ذلك على موضع «إن» وما عملت فيه ، وموضع «إن» وما عملت فيه رفع على الابتداء ، لأنها لا تدخل إلا على مبتدأ أو خبره ، فرفع وعطف على الموضعين قبل دخول