«من حىّ» : من أظهر الياءين جعل الماضي تبعا للمستقبل ، فلما لم يجز الإدغام فى المستقبل ، لأن حركته غير لازمة ، يتنقل من رفع إلى نصب أو إلى جزم ، أجرى الماضي مجراه ، وإن كانت حركة لامه لازمة ، على أن حركة لام الماضي قد تسكن أيضا لاتصالها بمضمر مرفوع ، فقد صارت هى مثل «لام» المستقبل ، فجرت فى الإظهار مجراه.
فأما من أدعم فللفرق بين ما تلزم لامه الحركة كالماضى ، وما تلزم لامه حركة تتنقل ، كالمستقبل فى قوله (وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى) ٢٢ : ٦ ، هذا لا يجوز إدغامه ، فأدغم الماضي لاجتماع المثلين ، وحسن الإدغام للزوم الحركة «لامه».
وقد انفرد الفراء بجواز الإدغام فى المستقبل ، ولم يجزه غيره.
٤٣ ـ (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً)
«إذ يريكهم» : العامل فى «إذ» : فعل مضمر ؛ تقديره : واذكر يا محمد إذ يريكهم.
٤٤ ـ (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً)
«وإذ يريكموهم» : عطف على «إذ» الأولى ، ورجعت الواو مع ميم الجمع مع المضمر ؛ لأن المضمر يرد المحذوفات إلى أصولها.
وأجاز يونس حذف الواو مع المضمر ، أجاز «يريكهم» ، بإسكان الميم وبضمها من غير واو ؛ والإثبات أحسن وأفصح ، وبه أتى القرآن.
٤٧ ـ (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ)
«بطرا» : مصدر فى موضع الحال ؛ والبطر : أن يتقوى بنعم الله على المعاصي.
٤٨ ـ (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ
وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ)
«جار» : تجمع على : أجوار ، فى القليل ، وجيران ، فى الكثير ، وعلى : جيرة.
٥٠ ـ (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ
وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ)
«يضربون» : فى موضع نصب على الحال من «الملائكة» ؛ ولو جعلته حالا من «الذين كفروا» لجاز. ولو كان فى موضع «يضربون» : ضاربين ، لم يجز ، حتى يظهر الضمير ؛ لأن اسم الفاعل إذا جرى صفة أو حالا أو خبرا أو عطف على غير ما هو له ، لم يجز أن يستتر فيه ضمير فاعله ، ولا بد من إظهاره ؛ لو قلت : رأيت معه امرأة ضاربها غدا والساعة ، فرفعت «ضاربها» على النعت للمرأة ، لم يجز حتى تقول : ضاربها هو ؛ لأن الفعل ليس لها ، فإن نصبت على النعت ل «رجل» جاز ؛ ولم تحتج إلى إظهار الضمير ؛ لأن الفعل له ، فإن كان فى موضع «ضاربها» : يضربها ، جاز على الوجهين.