«أنّ الله برىء» : أن ، فى موضع نصب ، على تقدير : اللام أو الباء ؛ لأنك إن جعلته خبرا ل «أذان» فليس هو هو ، فلا بد من تقدير حذف الجر على كل حال.
«ورسوله» : ارتفع على الابتداء ، والخبر محذوف ؛ أي : ورسوله برىء أيضا من المشركين ، فحذف لدلالة الأول عليه.
وقد أجاز قوم رفعه على العطف على موضع اسم الله قبل دخول «أن» ، وقالوا : «الأذان» بمعنى : القول ، فكأنه لم يغير معنى الكلام بدخوله.
ومنع ذلك جماعة ، لأن «أن» المفتوحة قد غيرت معنى الابتداء ، إذ هى وما بعدها مصدر ، فليست كالمكسورة التي لا تدل على غير التأكيد ، فلا يغير معنى الابتداء دخولها.
فأما عطف «ورسوله» على المضمر المرفوع فى «برىء» ، فهو قبيح عند كثير من النحويين حتى تؤكده ، لأن المجرور يقوم مقام التأكيد ، فعطفه على المضمر المرفوع فى «برىء» حسن جيد. وقد أتى العطف على المضمر المرفوع فى القرآن من غير تأكيد ، ولا ما يقوم مقام التأكيد ؛ قال الله جل ذكره : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) ٦ : ١٤٨ ، فعطف «الآباء» على المضمر المرفوع ، ولا حجة فى دخول «لا» ؛ لأنها إنما دخلت بعد واو العطف.
والذي يقوم مقامه التأكيد ، إنما يأتى قبل واو العطف فى موضع التأكيد ، والتأكيد لو أتى به لم يكن إلا قبل واو العطف ، نحو قوله : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ) ٥ : ٢٧ ، ولكن جاز ذلك ، لأن الكلام قد طال بدخول «لا» ، فقام الطول مقام التأكيد.
وقرأ موسى بن عمر : «ورسوله» ، بالنصب ، عطفا على اللفظ.
٥ ـ (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ
وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ)
«كلّ مرصد» : تقديره : على كل ، فلما حذف «على» نصب.
وقيل : هو ظرف
٦ ـ (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ)
«وإن أحد» : ارتفع «أحد» بفعله ، تقديره ؛ وإن استجارك أحد ؛ لأن «إن» من حروف الجزاء ، فهى بالفعل أن يليها أولى.