والتفسير يدل على أنها متصلة ب «أذن خير لكم» ؛ لأن فى قراءة أبى وابن مسعود : «ورحمة لكم» بالخفض ، وكذلك قراءة الأعمش ، فهذا يدل على العطف على «الخير» ، وهو وجه الكلام.
٦٢ ـ (يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ)
مذهب سيبويه أن الجملة الأولى حذفت لدلالة الثانية عليها ؛ تقديره عنده : والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه ؛ فحذف «أن يرضوه» الأول ، لدلالة الثاني عليه ، فالهاء على قوله فى «يرضوه» تعود على الرسول عليهالسلام.
وقال المبرد : لا حذف فى الكلام ، ولكن فيه تقديم وتأخير ؛ تقديره عنده : أحق أن يرضوه ورسوله ؛ فالهاء ، فى «يرضوه» ، على قول المبرد ، تعود على الله جل ذكره.
وقال الفراء : المعنى : ورسوله أحق أن يرضوه ؛ و «الله» : افتتاح كلام.
ويلزم المبرد من قوله أن يجوز : ما شاء الله وشئت ، بالواو ، لأنه يجعل الكلام جملة واحدة. ولا يلزم سيبويه ذلك ؛ لأنه يجعل الكلام جملتين ؛ فقول سيبويه هو المختار فى الآية. و «الله» مبتدأ ، و «أن يرضوه» : بدل ، و «أحق» : الخبر.
وإن شئت كان «الله» : مبتدأ ، و «أن يرضوه» : ابتداء ثان ، و «أحق» : خبره ، والجملة : خبر الأول.
ومثله (فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ) الآية : ١٣ ، وقد مضى شرحه بأبين من هذا.
٦٣ ـ (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها ذلِكَ
الْخِزْيُ الْعَظِيمُ)
«فأنّ له نار جهنم» : مذهب سيبويه أن «أن» مبدلة من الأولى ، فى موضع نصب ب «تعلموا».
وقال الجرمي ، والمبرد : هى مؤكدة للأولى ، فى موضع نصب ب «تعلموا».
والفاء : زائدة ، على هذين القولين.
ويلزم فى القولين ، جواز البدل والتأكيد قبل تمام المؤكد ، فالقولان عند أهل النظر ناقصان ؛ لأن «أن» من قوله : «ألم يعلموا أنه» يتم الكلام قبل الفاء ، فكيف يبدل منها ويؤكد قبل تمامها ؛ وتمامها هو الشرط وجوابه ، لأن الشرط وجوابه خبر «أن» ، ولا يتم إلا بخبرها.