١٨٠ ـ (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ
وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)
«الوصيّة للوالدين» : الوصية ، رفع بالابتداء ، والخبر محذوف ، أي : فعليكم الوصية ، ويبعد رفعها ب «كتب» ، لأنها تصير عاملة فى «إذا» ، ف «إذا» فى صلة الوصية ، فقد قدمت الصلة على الموصول ، والمفعول الذي لم يسم فاعله ل «كتب» مضمر دلت عليه الوصية ؛ تقديره : كتب عليكم الإيصاء إذا حضر ، فالإيصاء عامل فى «إذا» ، و «كتب» جواب لها ، و «إذا» وجوابها جواب الشرط فى قوله «إن ترك خيرا».
وقد قال الأخفش : إن «الفاء» مضمرة مع الوصية ، وهى جواب الشرط ، كأنه قال : فالوصية للوالدين.
فإن جعلت «الوصية» اسما غير مصدر جاز رفعها ب «كتب» ، ولا يجوز أن يكون «كتب» عاملا فى «إذا» ؛ لأن الكتاب لم يكتب على العبد وقت موته ، بل هو شىء قد تقدم فى اللوح المحفوظ ، فالإيصاء هو الذي يكون عند حضور الموت ، فهو العامل فى «إذا».
وأجاز النحاس رفع «الوصية» ب «كتب» ، على أن تقدرها بعد لفظ الموت ، وتجعلها وما بعدها جوابا للشرط ، فتنوى لها التقديم.
وهذا بعيد ، لا يجوز أن يكون الشيء فى موضعه فتنوى به غير موضعه
وأيضا فإنه ليس فى الكلام ما يعمل فى «إذا» ، إذا رفعت الوصية ب «كتب». وفيه نظر.
«حقّا» : مصدر ، ويجوز فى الكلام الرفع على معنى : هو حق.
١٨١ ـ (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
الهاء فى قوله «فمن بدله» ، وما بعدها من الهاءات الثلاث ، يعدن على الإيصاء ؛ إذ الوصية تدل على الإيصاء.
وقيل : يعدن على الكتب ؛ لأن «كتب» تدل على «الكتب».
١٨٣ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
«كما كتب على الذين من قبلكم» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : كتبا كما كتب على الذين ؛ أو : صوما كما كتب.
ويجوز أن يكون فى موضع نصب على الحال من «الصيام» ؛ تقديره : كتب عليكم الصيام مشبها لما كتب على الذين من قبلكم.