الدخان يتكون ، وليس كذلك ، إنما يتكون من النار ؛ وقد روى عن أبى عمرو أنه قال : لا يكون الشواظ إلا من نار وشىء آخر معه ، يعنى من شيئين ، من نار ودخان وحكى مثله عن الأخفش ، فعلى هذا يصح خفض «النحاس».
وقد قيل : إن التقدير : يرسل عليكما شواظ من نار وشىء من نحاس ، ثم حذف «شيئا» وأقام «من نار» مقامه ، وهو صفته ، وحذف حرف الجر لتقدم نكرة ، فيكون المعنى كقراءة من رفع «نحاسا».
٤١ ـ (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ)
ليس فى «يؤخذ» ضمير ، و «بالنواصي» : يقوم مقام الفاعل ؛ وتقديره : فيؤخذ بنواصيهم.
وقيل : التقدير : فيؤخذ بالنواصي منهم.
ولا يجوز أن يكون فى «يؤخذ» ضمير يعود على «المجرمين» ، لأنه يلزم أن يقول : «فيؤخذون» ويلزم أن يتعدى «أخذ» إلى مفعولين ، أحدهما بالباء ، ولا يجوز ذلك ، إنما يقال : أخذت الناصية ، وأخذت بالناصية ؛ ولو قلت : أخذت الدابة بالناصية ، لم يجز ؛ وحكى عن العرب : أخذت الخطام ، وأخذت بالخطام ، بمعنى.
وقد قيل : إن معناه : فيؤخذ كل واحد بالنواصي ، وليس بصواب ، لأن «أخذ» لا يتعدى إلى مفعولين أحدهما بالباء ، كما سبق.
وقد يجوز أن يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف جر غير «الباء» ، نحو : أخذت ثوبا من زيد ، فهذا المعنى غير الأول ، فلا يحسن مع «الباء» مفعول آخر ، إلا أن تجعلها بمعنى «من أجل» ، فيجوز أن تقول : أخذت زيدا بعمرو أي : من أجله وبذنبه.
٤٨ ـ (ذَواتا أَفْنانٍ)
«ذواتا» : تثنية «ذات» ، على الأصل ، لأن أصل «ذات» : ذوات ، لكن حذفت «الواو» تخفيفا ، للفرق بين الواحد والجمع ، وأفنان : جمع «فنن» ، على قول من جعل «أفنانا» ، بمعنى : أغصان ؛ ومن جعل «أفنانا» ، بمعنى : أجناس وأنواع ، كان الواحد «فنا» ، وكان حقه أن يجمع على : فنون.
٥٤ ـ (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ)
«متكئين على فرش» : حال ، والعامل فيه مضمر ؛ تقديره : ينعمون متكئين ، ودل على ذلك أن الآيات فى صفة النعيم.