قال تعالى : (فَاعْتَبِرُوا) : أي تفكّروا واعرفوا الحقّ (يا أُولِي الْأَبْصارِ) (٢) : أي يا أهل العقول (١). يعني المؤمنين.
قال تعالى : (وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ) : أي ولو لا حكم الله بالجلاء ، أي : بالخروج إلى الشام (لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا) : أي : بالقتل والسباء (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ (٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ) : أي فارقوا (٢) الله ورسوله (وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٤).
قوله : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ) : أي إنّ الله أذن لكم في ذلك ، فجعل ذلك إليكم : أن تقطعوا إن شئتم وأن تتركوا إن شئتم. قال تعالى : (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) (٥). ذكروا عن نافع عن ابن عمر أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم حرّق نخل بني النضير وترك العجوة (٣) وهي التي يقول فيها الشاعر (٤).
وهان على سراة بني لؤيّ |
|
حريق بالبويرة (٥) مستطير (٦). |
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم عقر يومئذ من صنوف النخل غير العجوة وترك العجوة.
ذكروا عن عكرمة أنّه قال : كلّ ما كان دون العجوة من النخل فهو لينة (٧).
__________________
(١) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١٤٣ : (يا أُولِي الْأَبْصارِ) يا أولي العقول. ويقال : (يا أُولِي الْأَبْصارِ) يا من عاين ذلك بعينه». والصحيح الأوّل ، لأنّ العبرة باقية مدى الأزمان لكلّ من قرأ القرآن.
(٢) كذا في ق وع : «فارقوا» ، وفي ز : «عادوا» ، وهذه اللفظة الأخيرة أدقّ تعبيرا وأصحّ تأويلا.
(٣) انظر ما رواه عبد الله بن عمر في صحيح مسلم ، كتاب الجهاد والسير ، باب جواز قطع أشجار الكفّار وتحريقها ، (رقم ١٧٤٦).
(٤) هو حسّان بن ثابت ، شاعر رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(٥) البويرة : تصغير بئر ، وقيل : تصغير بور ، وهي الحفرة. وهي هنا علم لموضع به نخل بني النضير ومنازلهم ، يقع قبلة مسجد قباء إلى جهة الغرب. انظر : ياقوت ، معجم البلدان (بور).
(٦) انظر : عبد الرحمن البرقوقي ، شرح ديوان حسّان بن ثابت ، نشر دار الأندلس ، بيروت ، ١٣٨٦ ه / ١٩٦٦ م.
(٧) هذا هو القول المشهور في معنى اللينة. وقال بعضهم : هو جميع أنواع التمر سوى العجوة والبرني. وهنالك أقوال أخرى في معنى اللينة وردت في كتب التفسير. انظر مثلا : تفسير القرطبيّ ، ج ١٨ ص ٨ ـ ١٠.