وتفسير مجاهد أنّ المهاجرين وقعوا في النخل ، فنهاهم بعضهم عن قطع النخل وقالوا : إنّما هي مغانم للمسلمين. وقال الذين قطعوا : بل هي غيظ للعدوّ ، فأنزل الله تصديق من نهى عن قطعه و [تحليل] من قطعه من الإثم [وإنّما قطعه وتركه بإذنه] (١).
ذكروا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : العجوة من الجنّة ، وهى شفاء من السمّ (٢).
قال تعالى : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٦) فظنّ المسلمون أنّه سيقسمه بينهم جميعا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم للأنصار : إن شئتم أن أقسم لكم وتقرّون المهاجرين معكم في دياركم فعلت ، وإن شئتم عزلتهم وقسمت لهم هذه الأرض والنخل. فقالوا : يا رسول الله ، بل أقرّهم في ديارنا واقسم لهم الأرض والنخل. فجعلها رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المهاجرين (٣).
قوله تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) : [تفسير قتادة : لمّا نزلت هذه الآية كان الفيء في هؤلاء كلّهم ، فلمّا نزلت الآية في الأنفال : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)] (٤) [الأنفال : ٤١] نسخت الآية الأولى وجعلت الخمس لمن كان له الفيء فصار ما بقي من الغنيمة لأهل القتال.
قال بعضهم : وكتب عمر بن عبد العزيز : إنّ كلا الآيتين واحدة لم تنسخ إحداهما الأخرى.
وتفسير الحسن : إنّ الفيء الجزية ، ولا يجعلها منسوخة. قال : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) فهذا سهم واحد. قال : (وَلِذِي الْقُرْبى) أي : قرابة النبيّ
__________________
(١) ما بين معقوفين زيادة من تفسير مجاهد ، ص ٦٦٣ لإيضاح المعنى.
(٢) أخرجه الترمذيّ في كتاب الطبّ ، وأخرجه ابن ماجه في كتاب الطبّ ، باب الكمأة والعجوة (رقم ٣٤٥٥) كلاهما يرويه من حديث أبي هريرة ، وأخرجه أيضا أحمد والدارميّ.
(٣) انظر تفصيل ذلك في مغازي الواقديّ ، ج ١ ص ٣٧٩ وما قاله سعد ب ن عبادة وسعد بن معاذ.
(٤) سقط ما بين المعقوفين من ق وع فأثبتّه من ز ورقة ٣٥٦ ـ ٣٥٧ حتّى يستقيم المعنى ، وانظر تفصيل هذا القول في تفسير الطبريّ ، ج ٢٨ ص ٣٨ ، وانظر ابن العربي ، أحكام القرآن ، ج ٤ ص ١٧٦٠ ، وانظر الجصّاص ، أحكام القرآن ، ج ٥ ص ٣١٨ ـ ٣١٩.