ثمّ أمر بقتال المشركين كافّة.
وكان المسلمون قبل أن يؤمر النبيّ عليهالسلام بقتال المشركين استشاروا النبيّ عليهالسلام في قراباتهم من المشركين أن يصلوهم ويبرّوهم ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية ، في تفسير الحسن.
ذكروا عن الحسن قال : كان رجل من المشركين قد سمّاه (١) يهدي النبيّ عليهالسلام لا يزال يهاديه ، وإنّه قدم على النبيّ عليهالسلام بهديّة فقال له النبيّ عليهالسلام : أو كنت أسلمت؟ قال : لا ، قال له : فإنّه لا يحلّ لنا رفد المشركين (٢). وتفسير مجاهد : هم الذين آمنوا بمكّة ولم يهاجروا.
قوله عزوجل : (إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ) : يعني كفّار أهل مكّة (وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ) : أي من مكّة (وَظاهَرُوا) : أي وأعانوا (عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٩).
قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ) : وهذه في نساء أهل العهد من المشركين ، وكانت محنتهنّ في تفسير بعضهم أن يستحلفن بالله ما أخرجكنّ النشوز ، وما أخرجكنّ إلّا حبّ الإسلام ، والحرص عليه. وفسّر الحسن أنّ المرأة من نساء من كان بينه وبين رسول الله عهد إذا جاءت إلى النبيّ عليهالسلام لم يقبلها حتّى تحلف بالله الذي لا إله إلّا هو ما جاءت ناشزة عن زوجها ، ولا جاءت إلّا راغبة في الإسلام. فإذا حلفت قبلها. وهو قوله : (فَامْتَحِنُوهُنَّ).
قوله : (اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ) : أي بصدقهنّ أو كذبهنّ (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ) : أي إذا أقررن لكم بالإسلام وحلفن بالله ما أخرجهنّ النشوز وما أخرجهنّ إلّا الحرص على الإسلام وحبّه.
__________________
(١) هو عياض بن حمار بن أبي حمار المجاشعيّ التميميّ. وكان صديقا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم قديما ثمّ أسلم. انظر : ابن عبد البرّ ، الاستيعاب ، ج ٣ ص ١٢٣٢ ، وابن قتيبة ، المعارف ، ص ٣٣٧.
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الخراج والإمارة والفيء ، باب في الإمام يقبل هدايا المشركين (رقم ٣٠٥٧) عن عياض بلفظ : «إنّي نهيت عن زبد المشركين». أي رفدهم وعطائهم. وقد ورد اللفظ في مخطوطة ابن سلّام بلفظ : «زبد» ، وقال الراوي عبد الله بن عون : «فسألت الحسن عن الزبد فقال الرفد». انظر الزمخشري ، الفائق : (زبد). واللسان : (زبد).